فصل


قال الآلوسى :
﴿ تُولِجُ الليل فِى النهار وَتُولِجُ النهار فِى الليل ﴾ الولوج في الأصل الدخول والإيلاج الإدخال واستعير لزيادة زمان النهار في الليل وعكسه بحسب المطالع والمغارب في أكثر البلدان وروي ذلك عن ابن عباس والحسن ومجاهد ولا يضر تساوي الليل والنهار دائماً عند خط الاستواء لأنه يكفي الزيادة والنقصان فيهما في الأغلب، وقال الجبائي : المراد بإيلاج أحدهما في الآخر إيجاد كل واحد منهما عقيب الآخر والأول أقرب إلى اللفظ، وعلى التقديرين الظاهر من الليل والنهار ليل التكوير ونهاره وهما المشهوران أن عند العامة الذين يفهمون ظاهر القول، ووراء ذلك أيام السلخ التي يعرفها العارفون وأيام الإيلاج الشانية التي يعقلها العلماء الحكماء. وبيان ذلك على وجه الاختصار أن اليوم على ما ذكره القوم الإلهيون عبارة عن دورة واحدة من دورات فلك الكواكب وهو من النطح إلى النطح ومن الشرطين إلى الشرطين ومن البطين إلى البطين وهكذا إلى آخر المنازل، ومن درجة المنزلة ودقيقتها إلى درجة المنزلة ودقيقتها، وأخفى من ذلك إلى أقصى ما يمكن الوقوف عنده وما من يوم من الأيام المعروفة عند العامة وهي من طلوع الشمس إلى طلوع الشمس أو من غروبها إلى غروبها أو من استوائها إلى استوائها أو ما بين ذلك إلى ما بين ذلك إلا وفيه نهاية ثلثمائة وستين يوماً فاليوم طوله ثلاثمائة وستون درجة لأنه يظهر فيه الفلك كله وتعمه الحركة وهذا هو اليوم الجسماني، وفيه اليوم الروحاني فيه تأخذ العقول معارفها والبصائر مشاهدها والأرواح أسرارها كما تأخذ الأجسام في هذا اليوم الجسماني أغذيتها وزيادتها ونموها وصحتها وسقمها وحياتها وموتها فالأيام من جهة أحكامها الظاهرة في العالم المنبعثة من القوة الفعالة للنفس الكلية سبعة من يوم الأحد إلى آخره ولهذه الأيام أيام روحانية لها أحكام في الأرواح والعقول تنبعث من القوة العلامة للحق الذي قامت به السموات والأرض وهو الكلمة الإلهية،


الصفحة التالية
Icon