والثاني : أن المتولي والمعرض هو ذلك الفريق، والمعنى أنه متولي عن استماع الحجة في ذلك المقام ومعرض عن استماع سائر الحجج في سائر المسائل والمطالب، كأنه قيل : لا تظن أنه تولى عن هذه المسألة بل هو معرض عن الكل. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٧ صـ ١٨٩﴾
وقال الآلوسى :
﴿ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَريقٌ مِّنْهُمْ ﴾ عطف على ( يدعون )، و﴿ ثم ﴾ للتراخي الرتبي، وفيه استبعاد توليهم بعد علمهم بوجوب الرجوع إليه، و﴿ منهم ﴾ صفة لفريق، ولعل المراد بهذا الفريق أكثرهم علماً ليعلم تولي سائرهم من باب الأولى قيل : وهذا سبب العدول عن -ثم يتولون- وقيل : الذين لم يسلموا، ووجه العدول عليه ظاهر فتدبر.
﴿ وَهُمْ مُّعْرضُونَ ﴾ جوز أن يكون صفة معطوفة على الصفة قبلها فالواو للعطف، وأن تكون في محل نصب على الحال من الضمير المستكن في ﴿ منهم ﴾ أو من ﴿ فريق ﴾ لتخصيصه بالصفة فالواو حينئذ للحال وهي إما مؤكدة لأن التولي والإعراض بمعنى، وإما مبينة لاختلاف متعلقيهما بناءاً على ما قبل : إن التولي عن الداعي والإعراض عن المدعو إليه أو التولي بالبدن والإعراض بالقلب، أو الأول كان من العلماء. والثاني من أتباعهم، وجوز أن لا يكون لها محل من الإعراب بأن تكون تذييلاً أو معترضة، والمراد وهم قوم ديدنهم الإعراض، وبعضهم فسر الجملة بهذا مع اعتبار الحالية ولعله رأى أنه لا يمنع عنها. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٣ صـ ١١١﴾
سؤال : فإن قيل : التولِّي عن الشيء هو الإعراض عنه،
قيل : معناه يتولَّى عن الداعي ويعرض عما دُعِيَ إليه. أ هـ ﴿النكت والعيون حـ ١ صـ ٣٨٣﴾
وقال ابن الجوزى :
فإن قيل : التولي هو الإعراض، فما فائدة تكريره ؟
فالجواب من أربعة أوجه.
أحدها : التأكيد.
والثاني : أن يكون المعنى : يتولون عن الداعي، ويعرضون عما دعا إليه.
والثالث : يتولون بأبدانهم، ويعرضون عن الحق بقلوبهم.