قال الحرالي : وفي ذكره بصيغة الدوام ما يقع منهم من الكفر بآيات الله في ختم اليوم المحمدي مع الدجال فإنهم أتباعه ﴿ويقتلون النبيين﴾ في إشعاره ما تمادوا عليه من البغي على الأنيباء حتى كان لهم مدخل في شهادة النبي ﷺ التي رزقه الله فيما كان يدعو به حيث كان يقول ﷺ :" اللهم ارزقني شهادة في يسر منك وعافية ".
ولما كان قتلهم إياهم بدون شبهة أصلاً بل لمحض والكفر والعناد، لأن الأنبياء مبرؤون من أن يكون لأحد قبلهم حق دنيوي أو أخروي قال :﴿بغير حق﴾ أي لا صغير ولا كبير في نفس الأمر ولا في اعتقادهم، فهو أبلغ مما في البقرة على عادة أفعال الحكماء في الابتداء بالأخف فالأخف.
ولما خص ذكر أكمل الخلق عبر بما يعم أتباعهم فقال معيداً للفعل زيادة في لومهم وتقريعهم :﴿ويقتلون الذين يأمرون بالقسط﴾ أي العدل، ولما كان ذلك شاملاً لمن لا قدرة لهم على قتله من الملائكة قال :﴿من الناس﴾ أي كلهم، سواء كانوا أنبياء أو لا، ويجوز أن يكون المراد بهذا القيد زيادة توبيخهم بأنهم يقتلون جنسهم الذي من حقهم أن يألفوه ويسعوا في بقائه، وهذا تحقيق لأن قتلهم لمجرد العدوان قال الحرالي : فيه إعلام بتمادي تسلطهم على أهل الخير من الملوك والرؤساء، فكان في طيه إلاحة لما استعملوا فيه من علم التطبب ومخالطتهم رؤساء الناس بالطب الذي توسل كثير منهم إلى قتلهم به عمداً وخطأ، ليجري ذلك على أيديهم خفية في هذه الأمة نظير ما جرى على أيدي أسلافهم في قتل الأنبياء جهرة - انتهى.
ويجوز أن يكون الخبر عنهم محذوفاً والتقدير : أنهم مطبوع على قلوبهم، أو : لا يؤمنون، أو : لا يزالون يجادلونك وينازعونك ويبغون لك الغوائل ﴿فبشرهم بعذاب أليم﴾ أي اجعل إخبارهم بأنه لهم موضع البشارة، فهو من وادي : تحيتهم بينهم ضرب وجيع. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ٤٧ ـ ٤٨﴾
وقال ابن عاشور :


الصفحة التالية
Icon