مِنْ قَبْلُ فِي مَكَّةَ، ثُمَّ كَانَ كُلٌّ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ حَرْبًا لَهُ وَهُمُ الْمُعْتَدُونَ ; وَلِذَلِكَ قَالَ آخَرُونَ : إِنَّ الْآيَةَ فِيمَنْ سَبَقَ ذِكْرُهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْأُمِّيِّينَ، فَكُلٌّ قَاتَلَهُ وَقَاتَلَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ بِهِ، وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ حَتَّى عَلَى قِرَاءَةِ حَمْزَةَ (وَيُقَاتِلُونَ الَّذِينَ) لِأَنَّ مُحَاوَلَةَ قَتْلِ نَبِيٍّ لَا يُعَبَّرُ عَنْهُ بِـ " يَقْتُلُونَ " النَّبِيِّينَ، وَالْقِتَالُ غَيْرُ الْقَتْلِ وَلِمَا فِي آيَاتٍ أُخْرَى مِنْ إِطْلَاقِ مِثْلِ هَذَا التَّعْبِيرِ عَلَى الْيَهُودِ خَاصَّةً، وَلَا حَاجَةَ إِلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمُرَادَ مَجْمُوعُ الْكَافِرِينَ الَّذِينَ يَقْتُلُ بَعْضُهُمُ النَّبِيِّينَ وَبَعْضُهُمُ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ، فَالْآيَةُ وَمَا بَعْدَهَا انْتِقَالٌ إِلَى خِطَابِ الْيَهُودِ خَاصَّةً، فَالْيَهُودُ هُمُ الَّذِينَ جَرَوْا عَلَى الْكُفْرِ بِآيَاتِ اللهِ مِنْ عَهْدِ مُوسَى إِلَى عَهْدِ مُحَمَّدٍ - عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، وَبِذَلِكَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ كُتُبُهُمْ قَبْلَ الْقُرْآنِ، وَعَلَى قَتْلِ النَّبِيِّينَ كَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى - عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، وَلَكِنَّ الْأُسْتَاذَ الْإِمَامَ وَجَّهَ الْقَوْلَ بِالْعُمُومِ وَجَعَلَهُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مُشْرِكِي الْعَرَبِ الَّذِينَ حَاوَلُوا قَتْلَ نَبِيٍّ وَاحِدٍ عَلَى حَدِّ كَوْنِ قَتْلِ النَّفْسِ الْوَاحِدَةِ كَقَتْلِ جَمِيعِ النَّاسِ. وَقَوْلُهُ - تَعَالَى - : بِغَيْرِ حَقٍّ بَيَانٌ لِلْوَاقِعِ بِمَا يُقَرِّرُ بَشَاعَتَهُ وَانْقِطَاعَ