يكون موجوداً لنفسه ليكون أمره كله بربه في وجوده كما كان أمره بربه قبل وجوده لنفسه، وقد فسر حق التقاة التي هي غاية التقوى بأن يكون العبد يشكر فلا يكفر، ويذكر فلا ينسى، ويطيع فلا يعصى - انتهى.
قال الإمام : المحبة توجب إقبال بالكلية على المحبوب والإعراض عن غيره - انتهى.
فمن ادعى محبته وخالف سنة رسول الله ﷺ فهو كذاب، وكتاب الله سبحانه وتعالى يكذبه ﴿يحببكم الله﴾ أي الذي له الأسماء الحسنى والصفات العلى حباً ظهرت أماراته بما أعلم به الفك، فإن الأمر المنجي غاية النجاة إنما هو محبة الله سبحانه وتعالى للعبد، لا محبة العبد لله، فإنه ربما كانت له حالة يظن بها أنه يحب الله والواقع أنه ليس كما ظن لكونه يعمل بما يسخطه سبحانه وتعالى، والأمارة الصحيحة لذلك رد الأمر كله إلى الله، وحينئذ يفعل الله مع العبد فعل المحب من حسن الثناء والإكرام بالثواب.
قال الحرالي : فإن من رد الأمانة إلى الله سبحانه وتعالى أحبه الله فكان سمعه وبصره ويده ورجله، وإذا أحب الله عبداً أراحه وأنقذه من مناله في أن يكون هو يحب الله، فمن أحب الله وله، ومن أحبه الله سكن ي ابتداء عنايته وثبته الله سبحانه وتعالى - انتهى.
فقد أشار سبحانه وتعالى إلى أن الدلالة الناشئة عن الرافة من الإكرام بالنعم من الهداية بالبيان والإبلاغ في الإحسان عامة للمحبوب وغيره، وأن الدليل على المحبة الإلهية هو الاتباع الداعي " اعملوا فكل ميسر لما خلق له فأما من كان من أهل السعادة فييسر لعمل أهل السعادة، وأما من كان من أهل الشقاوة فييسر لعمل أهل الشقاوة " " ما تقرب المتقربون إليّ بمثل أداء ما افترضته عليهم، ولا يزال العبد يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه ".