الْوُقُوفَ عَلَى مَجَاهِلِ الْأَرْضِ وَالِاطِّلَاعَ عَلَى أَحْوَالِ الْعَالَمِينَ فَيَرْكَبُ الْأَخْطَارَ وَيَقْتَحِمُ الْبِحَارَ، وَيَسْمَحُ بِالْوَقْتِ وَالدِّينَارِ يَهِيمُ بِالرِّيَاسَةِ فَيَسْتَهِينُ لِأَجْلِهَا بِاللَّذَّاتِ وَيَزْدَرِي الشَّهَوَاتِ وَيُنَافِحُ فِي سَبِيلِهَا الْأَقْرَانَ، وَيُكَافِحُ فِي طَلَبِهَا السُّلْطَانَ، يَفْتَتِنُ بِحُبِّ أَهْلِ النَّجْدَةِ وَالشَّجَاعَةِ وَقُوَّادِ الْجُيُوشِ فَيَبْذُلُ حَيَاتَهُ لِحِفْظِ حَيَاتِهِمْ وَيَتَحَمَّسُ فِي التَّحَزُّبِ لَهُمْ بَعْدَ مَمَاتِهِمْ، يُولَعُ بِكِبَارِ الْعُلَمَاءِ فَيَتَّخِذُهُمْ أَئِمَّةً مُتَّبَعِينَ وَإِنْ حُرِمَ فِي اتِّبَاعِهِمْ مِنْ حَقِيقَةِ الْعِلْمِ وَالدِّينِ، وَيَتَعَصَّبُ لَهُمْ عَلَى مَنْ خَالَفَهُمْ، وَإِنْ كَانَ الْحَقُّ يُؤَيِّدُهُ مِنْ دُونِهِمْ - يَهِيمُ بِالْمَعْقُولَاتِ السَّامِيَةِ، وَالْحِكْمَةِ الْعَالِيَةِ، فَيَحْتَقِرُ دُونَهَا الْمَالَ وَالْحَيَاةَ وَالرِّيَاسَةَ وَالْإِمَارَةَ، وَيَنْزَوِي فِي كَسْرِ بَيْتِهِ يُعْمِلُ الْفِكْرَ، وَيُرَوِّضُ النَّفْسَ، وَيُصْقِلُ الرُّوحَ مُعْتَقِدًا أَنَّ مَنْ سَارَ سِيرَتَهُ فَهُوَ الْمَغْبُوطُ، وَأَنَّ الْغَافِلَ عَنْ ذَلِكَ هُوَ الْمَغْبُونُ كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ [٢٣ : ٥٣]


الصفحة التالية
Icon