وللتقية عند العلماء أحكام منها : إذا كان الرجل في قوم كفار يخاف منهم على نفسه جاز له أن يظهر المحبة والموالاة ولكن بشرط أن يضمر خلافه ويعرّض في كل ما يقول ما أمكن، فإن التقية تأثيرها في الظاهر لا في أحوال القلب. ومنه أنها رخصة فلو تركها كان أفضل لما " روى الحسن أنه أخذ مسيلمة الكذاب رجلين من أصحاب رسول الله ﷺ فقال لأحدهما : أتشهد أن محمداً رسول الله؟ قال : نعم. قال : أتشهد أني رسول الله؟ قال : نعم. - وكان مسيلمة يزعم أنه رسول بني حنيفة ومحمد رسول قريش - فتركه ودعا الآخر وقال : أتشهد أن محمداً رسول الله؟ فقال : نعم نعم نعم. فقال : أتشهد أني رسول الله؟ فقال : إني أصم ثلاثاً، فقدمه وقتله. فبلغ ذلك رسول الله ﷺ : فقال : أما هذا المقتول فمضى على يقينه وصدقه فهنيأ له، وأما الآخر فقبل رخصة الله فلا تبعة عليه " ونظير هذه الآية ﴿ إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ﴾ [ النحل : ١٠٦ ] ومنها أنها إنما تجوز فيما يتعلق بإظهار الموالاة والمعاداة. وقد يجوز أن تكون أيضاً فيما يتعلق بإظهار الدين، فأما الذي يرجع ضرره إلى الغير كالقتل والزنا وغصب الأموال وشهادة الزور وقذف المحصنات وإطلاع الكفار على عورات المسلمين فذلك غير جائز ألبتة. ومنها أن الشافعي جوز التقية بين المسلمين كما جوّزها بين الكافر محاماة على النفس. ومنها أنها جائزة لصون المال على الأصح كما أنها جائزة لصون النفس لقوله ﷺ :" حرمة مال المسلم كحرمة دمه " و " من قتل دون ماله فهو شهيد " ولأن الحاجة إلى المال شديدة ولهذا يسقط فرض الوضوء ويجوز الاقتصار على التيمم إذا بيع الماء بالغبن. قال مجاهد : كان هذا في أول الإسلام فقط لضعف المؤمنين. وروى عوف عن الحسن أنه قال : التقية جائزة إلى يوم القيامة. وهذا أرجح عند الأئمة. ﴿ ويحذركم الله نفسه ﴾ قيل : أي عقاب نفسه. وفيه تهديد عظيم