وإن أتاه خليل يوم مسغبة يقول لا غائب ما لي ولا حرم
وقراءة عبد الله ﴿ ودت ﴾ يحتملها على السواء إلا أن الحمل على الابتداء والخبر أوقع في المعنى لأنه حكاية الكائن في ذلك اليوم ﴿ ويحذركم الله نفسه ﴾ تأكيد للوعيد ﴿ والله رؤوف بالعباد ﴾ قال الحسن : ومن رأفته أن حذرهم نفسه وعرّفهم كمال علمه وقدرته، وأنه يمهل ولا يهمل، ورغبهم في استيجاب رحمته، وحذرهم من استحقاق غضبه. ويجوز أن يراد أنه رؤوف بهم حيث أمهلهم للتوبة والتلافي، أو هو وعد كما أن التحذير وعيد، أو المراد بالعباد عباده المخلصون كقوله :﴿ عيناً يشرب بها عباد الله ﴾ [ الدهر : ٦ ] كما هو منتقم من الفساق ومحذرهم نفسه فهو رؤوف بالعباد المطيعين والمحسنين. ثم إنه تعالى دعا القوم إلى الإيمان به ورسوله من طريق آخر سوى طريق التهديد والتحذير فقال :﴿ قل إن كنتم تحبون الله ﴾ قال الحسن وابن جريج : زعم أقوام على عهد رسول الله ﷺ أنهم يحبون الله فقالوا : يا محمد إنا نحب ربنا فأنزل الله هذه الآية. وروى الضحاك عن ابن عباس قال :" وقف النبي ﷺ على قريش وهم في المسجد الحرام وقد نصبوا أصنامهم وعلقوا عليها بيض النعام وجعلوا في آذانها الشنوف وهم يسجدون لها فقال : يا معشر قريش، لقد خالفتم ملة أبيكم إبراهيم وإسماعيل ولقد كانا على الإسلام. فقالت قريش : يا محمد إنا نعبد هذه حباً لله ليقربونا إلى الله زلفى "


الصفحة التالية
Icon