وظاهر أن قوله تعالى :﴿ قل للذين كفروا : ستغلبون وتحشرون إلى جهنم وبئس المهاد. قد كان لكم آية في فئتين التقتا : فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة، يرونهم مثليهم رأي العين... ﴾ إلخ. تتضمن الإشارة إلى أحداث غزوة بدر، وأن الخطاب فيها موجه إلى اليهود. وقد وردت في هذا رواية عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال :" لما أصاب رسول الله - ﷺ - قريشاً يوم بدر، وقدم المدينة وجمع اليهود، وقال : أسلموا قبل أن يصيبكم ما أصاب قريشاً، قالوا : يا محمد : لا يغرنك من نفسك أن قتلت نفراً من قريش أغماراً لا يعرفون القتال. إنك لو قاتلتنا لعرفت أنا نحن الناس، وأنك لم تلق مثلنا. فأنزل الله تعالى في ذلك :﴿ قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون إلى جهنم.. - إلى قوله :- { فئة تقاتل في سبيل الله - أي ببدر - وأخرى كافرة ﴾ "
. ( أخرجه أبو داود ).
كذلك يبدو من التلقين الموجه للرسول - ﷺ - في آية :﴿ فإن حاجوك فقل أسلمت وجهي لله - ومن اتبعن - وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين :{ أأسلمتم؟ فإن أسلموا فقد اهتدوا، وإن تولوا فإنما عليك البلاغ، والله بصير بالعباد ﴾.. أنه وإن كان هذا التلقين في صدد مناقشة حاضرة، إلا أنه تلقين عام شامل، ليواجه به النبي - ﷺ - كل المخالفين له في العقيدة.
وظاهر من قوله تعالى :﴿ وإن تولوا فإنما عليك البلاغ والله بصير بالعباد ﴾ أن الرسول - ﷺ - حتى ذلك الحين لم يكن مأموراً بقتال أهل الكتاب، ولا بأخذ الجزية منهم، مما يرجح ما ذهبنا إليه من نزول هذه الآيات في وقت مبكر.


الصفحة التالية
Icon