والجواب : أن تعلق علم الله تعالى بأنه حصل الآن لا يحصل إلا عند حصوله الآن، ثم أن هذه التبدل والتجدد إنما وقع في النسب والإضافات والتعليقات لا في حقيقة العلم، وهذه المسألة لها غور عظيم وهي مذكورة في علم الكلام.
السؤال الثاني : محل البواعث والضمائر هو القلب، فلم قال :﴿إِن تُخْفُواْ مَا فِى صُدُورِكُمْ﴾ ولم يقل إن تخفوا ما في قلوبكم ؟.
الجواب : لأن القلب في الصدر، فجاز إقامة الصدر مقام القلب كما قال :﴿يُوَسْوِسُ فِى صُدُورِ الناس﴾ [ الناس : ٥ ] وقال :﴿فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى الأبصار ولكن تعمى القلوب التى فِى الصدور﴾ [ الحج : ٤٦ ].
السؤال الثالث : إن كانت هذه الآية وعيداً على كل ما يخطر بالبال فهو تكليف ما لا يطاق.
الجواب : ذكرنا تفصيل هذه الكلام في آخر سورة البقرة في قوله ﴿للَّهِ مَا فِى السموات وَمَا فِي الأرض وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ الله﴾ [ البقرة : ٢٨٤ ]. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٨ صـ ١٣ ـ ١٤﴾
قوله تعالى :﴿وَيَعْلَمُ مَا فِى السموات وَمَا فِي الأرض ﴾
قال أبو حيان :
﴿ ويعلم ما في السموات وما في الأرض ﴾ هذا دليل على سعة علمه، وذكر عموم بعد خصوص، فصار علمه بما في صدورهم مذكوراً مرتين على سبيل التوكيد، أحدهما : بالخصوص، والآخر : بالعموم، إذ هم ممن في الأرض. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٢ صـ ٤٤٤﴾
فائدة
قال الفخر :
اعلم أنه رفع على الاستئناف، وهو كقوله ﴿قاتلوهم يُعَذّبْهُمُ الله﴾ [ التوبة : ١٤ ] جزم الأفاعيل، ثم قال :﴿وَيَتُوبَ الله﴾ فرفع، ومثله قوله ﴿فَإِن يَشَإِ الله يَخْتِمْ على قَلْبِكَ وَيَمْحُ الله الباطل﴾ [ الشورى : ٢٤ ] رفعاً، وفي قوله ﴿وَيَعْلَمُ مَا فِى السموات وَمَا فِي الأرض﴾ غاية التحذير لأنه إذا كان لا يخفى عليه شيء فيهما فكيف يخفى عليه الضمير. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٨ صـ ١٤﴾
قال ابن عادل :


الصفحة التالية
Icon