فصل
قال الفخر :
اعلم أن المخلوقات على قسمين :
المكلف وغير المكلف واتفقوا على أن المكلف أفضل من غير المكلف، واتفقوا على أن أصناف المكلف أربعة : الملائكة، والإنس والجن، والشياطين، أما الملائكة، فقد روي في الأخبار أن الله تعالى خلقهم من الريح ومنهم من احتج بوجوه عقلية على صحة ذلك فالأول : أنهم لهذا السبب قدروا على الطيران على أسرع الوجوه والثاني : لهذا السبب قدروا على حمل العرش، لأن الريح تقوم بحمل الأشياء الثالث : لهذا السبب سموا روحانيين، وجاء في رواية أخرى أنهم خلقوا من النور، ولهذا صفت وأخلصت لله تعالى والأولى أن يجمع بين القولين فنقول : أبدانهم من الريح وأرواحهم من النور فهؤلاء هم سكان عالم السموات، أما الشياطين فهم كفرة أما إبليس فكفره ظاهر لقوله تعالى :﴿وَكَانَ مِنَ الكافرين﴾ [ البقرة : ٣٤ ] وأما سائر الشياطين فهم أيضاً كفرة بدليل قوله تعالى :﴿وَإِنَّ الشياطين لَيُوحُونَ إلى أَوْلِيَائِهِمْ ليجادلوكم وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ﴾ [ الأنعام : ١٢١ ] ومن خواص الشياطين أنهم بأسرها أعداء للبشر قال تعالى :﴿فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرّيَّتَهُ أَوْلِيَاء مِن دُونِى وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ﴾ [ الكهف : ٥٠ ] وقال :﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلّ نِبِىّ عَدُوّاً شياطين الإنس والجن﴾ [ الأنعام : ١١٢ ] ومن خواص الشياطين كونهم مخلوقين من النار قال الله تعالى حكاية عن إبليس ﴿خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ﴾ [ الأعراف : ١٢ ] وقال :﴿والجآن خلقناه مِن قَبْلُ مِن نَّارِ السموم﴾ [ الحجر : ٢٧ ] فأما الجن فمنهم كافر ومنهم مؤمن، قال تعالى :﴿وَأَنَّا مِنَّا المسلمون وَمِنَّا القاسطون فَمَنْ أَسْلَمَ فأولئك تَحَرَّوْاْ رَشَداً﴾ [ الجن : ١٤ ] أما الإنس فلا شك أن لهم والداً هو والدهم الأول، وإلا لذهب إلى ما لا نهاية والقرآن دلّ على أن ذلك الأول هو آدم ﷺ على