وحكمه حكم " ذَا " من كونه يُجَرَّد من حرف التنبيه، ومن الكاف واللام، نحو " هُنَا " وقد يَصْحَبه " ها " التنبيه، نحو هاهنا، ومع الكاف قليلاً، نحو ها هناك، ويمتنع الجمع بينها وبين اللام. وأخوات " هنا " بتشديد النون مع فتح الهاء وكسرها - و" ثَمَّ " بفتح الثاء - وقد يقال :" هَنَّت ". ولا يشار بـ " هُنَالِكَ " وما ذُكِرَ مَعَهُ إلا للأمكنة، كقوله :﴿ فَغُلِبُواْ هُنَالِكَ وانقلبوا صَاغِرِينَ ﴾ [ الأعراف : ١١٩ ] وقوله :﴿ هُنَالِكَ الولاية لِلَّهِ الحق ﴾ [ الكهف : ٤٤ ] وقوله :﴿ دَعَوْاْ هُنَالِكَ ثُبُوراً ﴾ [ الفرقان : ١٣ ].
وقد زعم بعضهم أن " هُنا " و" هناك " و" هنالك " للزمان، فمن ورود " هنالك " بمعنى الزمان عند بعضهم - هذه الآية أي : في ذلك الزمان دعا زكريا ربه، ومثله :﴿ هُنَالِكَ ابتلي المؤمنون ﴾ [ الأحزاب : ١١ ]، وقوله :﴿ فَغُلِبُواْ هُنَالِكَ ﴾ ومنه قول زهير :[ الطويل ]
هُنَالِكَ إنْ يُسْتَخْبَلُوا الْمَالَ يُخْبِلُوا................................
ومن " هنَّا " قوله :[ الكامل ]
حَنَّتْ نُوَارُ وَلاَتَ هَنَّا حَنَّتِ... وَبَدَا الَّذِي كَانَتْ نَوَارُ أجَنَّتِ
لأن " لات " لا تعمل إلا في الأحيان.
وفي عبارة السجاوندي أن " هناك " في المكان، و" هنالك " في الزمان، وهو سهو ؛ لأنها للمكان سواء تجردت، أو اتصلت بالكاف واللام معاً، أم بالكاف من دون اللام. أ هـ ﴿تفسير ابن عادل حـ ٥ صـ ١٨٧ ـ ١٨٨﴾
وقال أبو حيان :
قيل : واللام في : هنالك، دلالة على بعد المسافة بين الدعاء والإجابة، فإنه نقل المفسرون أنه كان بين دعائه وإجابته أربعون سنة.
وقيل : دخلت اللام لبعد منال هذا الأمر لكونه خارقاً للعادة، كما أدخل اللام في قوله :﴿ ذلك الكتاب ﴾ لبعد مناله وعظم ارتفاعه وشرفه.


الصفحة التالية
Icon