قوله تعالى حكاية عن زكريا عليه السلام :﴿هَبْ لِى مِن لَّدُنْكَ ذُرّيَّةً طَيّبَةً﴾

فصل


قال الفخر :
أما الكلام في لفظة ﴿لَّدُنْ﴾ فسيأتي في سورة الكهف والفائدة في ذكره ههنا أن حصول الولد في العرف والعادة له أسباب مخصوصة فلما طلب الولد مع فقدان تلك الأسباب كان المعنى : أُريد منك إلهي أن تعزل الأسباب في هذه الواقعة وأن تحدث هذا الولد بمحض قدرتك من غير توسط شيء من هذه الأسباب. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٨ صـ ٣٠﴾
وقال ابن عادل :
قوله :﴿ مِن لَّدُنْكَ ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : أنه يتعلق بـ " هَبْ " وتكون " مِنْ " لابتداء الغاية مجازاً، أي : يا رب هَبْ لي من عندك. ويجوز أن يتعلق بمحذوف على أنه في الأصل صفة لِ " ذُرِّيَّة " فلما قُدِّم عليها انتَصَبَ حالاً. أ هـ ﴿تفسير ابن عادل حـ ٥ صـ ١٨٨ ـ ١٨٩﴾
فائدة
قال أبو حيان :
﴿ قال رب هب لي من لدنك ذرية طيبة ﴾ هذه الجملة شرح للدعاء وتفسير له، وناداه بلفظ : رب، إذ هو مربيه ومصلح حاله، وجاء الطلب بلفظ : هب، لأن الهبة إحسان محض ليس في مقابلتها شيء يكون عوضاً للواهب، ولما كان ذلك يكاد يكون على سبيل ما لا تسبب فيه : لا من الوالد لكبر سنه، ولا من الوالدة لكونها عاقراً لا تلد، فكان وجوده كالوجود بغير سبب، أتى هبة محضة منسوبة إلى الله تعالى بقوله : من لدنك، أي من جهة محض قدرتك من غير توسط سبب.
وتقدّم أن : لدن، لما قرب، و : عند، لما قرب ولما بعد، وهي أقل إبهاماً من : لدن، ألا ترى أن : عند، تقع جواباً لأين، ولا تقع له جواباً : لدن ؟. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٢ صـ ٤٦٣﴾

فصل


قال الفخر :


الصفحة التالية
Icon