وقال ابن عطية :
هناك في كلام العرب إشارة إلى مكان فيه بعد أو زمان، و﴿ هنالك ﴾ باللام أبلغ في الدلالة على البعد، ولا يعرب ﴿ هنالك ﴾ لأنه إشارة فأشبه الحروف التي جاءت لمعنى، ومعنى هذه الآية : أن في الوقت الذي رأى زكرياء رزق الله لمريم ومكانتها منه وفكر في أنها جاءت أمها بعد أن أسنت وأن الله تقبلها وجعلها من الصاحلات تحرك أمله لطلب الولد وقوي رجاؤه وذلك منه على حال سن ووهن عظم واشتعال شيب وذلك لخوفه الموالي من ورائه حسبما يتفسر في سورة مريم إن شاء الله فدعا ربه أن يهب له ذرية طيبة، و" الذرية " اسم جنس يقع على واحد فصاعداً كما الولي يقع على اسم جنس كذلك، وقال الطبري : إنما أراد هنا بالذرية واحداً ودليل ذلك طلبه ولياً ولم يطلب أولياء، وأنث " الطيبة " حملاً على لفظ الذرية كما قال الشاعر :[ الوافر ]

أبوك خليفةٌ وَلَدَتْهُ أُخْرى وَأَنْتَ خَلِيفَةٌ ذاكَ الْكَمَالُ
وكما قال الآخر :
فما تزدري مِنْ حَيَّةٍ جَبليَّة ؟ سِكَات إذا ما عضَّ لَيْسَ بأدْرَدا
وفيما قال الطبري تعقب وإنما الذرية والولي اسما جنس يقعان للواحد فما زاد، وهكذا كان طلب زكرياء عليه السلام، و﴿ طيبة ﴾ معناه سليمة في الخلق والدين نقية، و﴿ سميع ﴾ في هذه الآية بناء اسم فاعل. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ١ صـ ٤٢٧﴾
وقال ابن عاشور :
﴿هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ﴾ [٣٨].


الصفحة التالية
Icon