من الناس من قال : المراد بآل إبراهيم المؤمنون، كما في قوله ﴿النار يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا﴾ [ غافر : ٤٦ ] والصحيح أن المراد بهم الأولاد، وهم المراد بقوله تعالى :﴿إِنّى جاعلك لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرّيَّتِى قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظالمين﴾ [ البقرة : ١٢٤ ] وأما آل عمران فقد اختلفوا فيه، فمنهم من قال المراد عمران ولد موسى وهارون، وهو عمران بن يصهر بن قاهث بن لاوي بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم، فيكون المراد من آل عمران موسى وهارون وأتباعهما من الأنبياء، ومنهم من قال : بل المراد : عمران بن ماثان والد مريم، وكان هو من نسل سليمان بن داود بن إيشا، وكانوا من نسل يهوذا بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم الصلاة والسلام، قالوا وبين العمرانين ألف وثمانمائة سنة، واحتج من قال بهذا القول على صحته بأمور أحدها : أن المذكور عقيب قوله ﴿وآل عمران على العالمين﴾ هو عمران بن ماثان جد عيسى عليه السلام من قبل الأم، فكان صرف الكلام إليه أولى
وثانيها : أن المقصود من الكلام أن النصارى كانوا يحتجون على إلهية عيسى بالخوارق التي ظهرت على يديه، فالله تعالى يقول : إنما ظهرت على يده إكراماً من الله تعالى إياه بها، وذلك لأنه تعالى اصطفاه على العالمين وخصه بالكرامات العظيمة، فكان حمل هذا الكلام على عمران بن ماثان أولى في هذا المقام من حمله على عمران والد موسى وهارون وثالثها : أن هذا اللفظ شديد المطابقة لقوله تعالى :﴿وجعلناها وابنها ءَايَةً للعالمين﴾ [ الأنبياء : ٩١ ] واعلم أن هذه الوجوه ليست دلائل قوية، بل هي أمور ظنية، وأصل الاحتمال قائم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٨ صـ ٢٠ ـ ٢١﴾