وقال الماوردى :
فإن قيل : فَلِمَ راجع بهذا القول بعد أن بُشَّرَ بالولد، ففيه جوابان :
أحدهما : أنه راجع ليعلم على أي حال يكون منه الولد، بأن يُرّدّ هو وامرأته إلى حال الشباب، أم على حال الكبر، فقيل له : كذلك الله يفعل ما يشاء، أي على هذه الحال، وهذا قول الحسن.
والثاني : أنه قال ذلك استعظاماً لمقدور الله وتعجباً. (١) أ هـ ﴿النكت والعيون حـ ١ صـ ٣٩١﴾
قوله تعالى :﴿وَقَدْ بَلَغَنِي الكبر﴾
قال الفخر :
قال أهل المعاني : كل شيء صادفته وبلغته فقد صادفك وبلغك، وكلما جاز أن يقول : بلغت الكبر جاز أن يقول بلغني الكبر يدل عليه قول العرب : لقيت الحائط، وتلقاني الحائط.
فإن قيل : يجوز بلغني البلد في موضع بلغت البلد، قلنا : هذا لا يجوز، والفرق بين الموضعين أن الكبر كالشيء الطالب للإنسان فهو يأتيه بحدوثه فيه، والإنسان أيضاً يأتيه بمرور السنين عليه، أما البلد فليس كالطالب للإنسان الذاهب، فظهر الفرق. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٨ صـ ٣٥﴾
فائدة
قال ابن الجوزى :
وفي سنة يومئذ ستة أقوال.
أحدها : أنه كان ابن مائة وعشرين سنة، امرأته بنت ثمان وتسعين سنة، قاله ابن عباس.
والثاني : أنه كان ابن بضع وسبعين سنة، قاله قتادة.
والثالث : ابن خمس وسبعين، قاله مقاتل.
والرابع : ابن سبعين.
حكاه فضيل بن غزوان.
والخامس : ابن خمس وستين.
والسادس : ابن ستين، حكاهما الزجاج. (٢) أ هـ ﴿زاد المسير حـ ١ صـ ٣٨٥﴾
قوله تعالى ﴿وامرأتى عَاقِرٌ ﴾
قال الفخر :
اعلم أن العاقر من النساء التي لا تلد، يقال : عقر يعقر عقراً، ويقال أيضاً عقر الرجل، وعقر بالحركات الثلاثة في القاف إذا لم يحمل له، ورمل عاقر : لا ينبت شيئاً، واعلم أن زكريا عليه السلام ذكر كبر نفسه مع كون زوجته عاقراً لتأكيد حال الاستبعاد. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٨ صـ ٣٥ ﴾

______
(١) هذا قول فى غاية الحسن. والله أعلم.
(٢) هذه الأقوال تفتقر إلى سند صحيح.


الصفحة التالية
Icon