قال أبو حيّان : ولا يَصِحُّ ذَلِكَ ؛ لأن قوله :﴿ عَلِيمٌ ﴾ إمّا أن يكون خبراً بعد خبر، أو وصفاً لقوله :" سميع " فإن كان خبراً فلا يجوز الفصل به بين العامل والمعمول ؛ لأنه أجنبيٌّ عنهما، وإن كان وَصْفاً فلا يجوز أن يَعْمَل ﴿ سَمِيعٌ ﴾ في الظرف ؛ لأنه قَدْ وُصِفَ، واسم الفاعل وما جرى مجراه إذا وُصِفَ قَبْلَ معموله لا يجوز له - إذ ذاك - أن يعمل، على خلاف لبعض الكوفيين في ذلك ؛ لأن اتصافه تعالى بـ ﴿ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ لا يتقيد بذلك الوقت.
قال شهابُ الدين :" وهذا القدر غيرُ مانع ؛ لأنه يُتَّسَع في الظرف وعديله ما لا يُتَّسَع في غيره، ولذلك تقدم على ما في خبر " أل " الموصولة وما في خبر " أن " المصدرية ".
وأما كونه - تعالى - سميعاً عليماً لا يتقيد بذلك الوقت، فإن سَمْعَه لذلك الكلام مقيَّد بوجود ذلك الكلام، وعلمه - تعالى - بأنها تذكر مقيَّد بذكرها لذلك، والتغيُّر في السمع والعلم، إنما هو في النسبِ والتعلُّقات.
الرابع : أن تكون " إذْ " زائدةً، وهو قول أبي عُبَيْدَةَ، والتقدير : قالت امرأة عمرانَ، وهذا غلط من النحويين، قال الزّجّاج لم يصنع أبو عبيدة في هذا شيئاً ؛ لأن إلغاء حرفٍ من كتاب الله تعالى - من غير ضرورةٍ لا يجوز، وكان أبو عبيدة يُضَعَّفُ في النحو.
الخامس : قال الأخفش والمُبَرِّد : التقدير :" ألم تر إذْ قالت امرأة عمران، ومثله في كتاب الله كثير ". أ هـ ﴿تفسير ابن عادل حـ ٥ صـ ١٦٧ ـ ١٦٨﴾
سؤال : فإن قيل : إن الله سميع عليم قبل أن قالت المرأة هذا القول، فما معنى هذا التقييد ؟
قلنا : إن سمعه تعالى لذلك الكلام مقيد بوجود ذلك الكلام وعلمه تعالى بأنها تذكر ذلك مقيد بذكرها لذلك والتغير في العلم والسمع إنما يقع في النسب والمتعلقات. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٨ صـ ٢٢﴾

فصل


قال ابن عادل :


الصفحة التالية
Icon