هذا التحرير لم يكن جائزاً إلا في الغلمان أما الجارية فكانت لا تصلح لذلك لما يصيبها من الحيض، والأذى، ثم إن حنة نذرت مطلقاً إما لأنها بنت الأمر على التقدير، أو لأنها جعلت ذلك النذر وسيلة إلى طلب الذكر. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٨ صـ ٢٣﴾
فصل فى حقيقة النذر
قال ابن العربى :
هُوَ الْتِزَامُ الْفِعْلِ بِالْقَوْلِ مِمَّا يَكُونُ طَاعَةً لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، مِنْ الْأَعْمَالِ قُرْبَةً.
وَلَا يَلْزَمُ نَذْرُ الْمُبَاحِ.
وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ مَا رُوِيَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى أَبَا إسْرَائِيلَ قَائِمًا : فَسَأَلَ عَنْهُ فَقَالُوا : نَذَرَ أَنْ يَقُومَ وَلَا يَقْعُدَ وَلَا يَسْتَظِلَّ وَيَصُومَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ مُرُوهُ فَلْيَصُمْ وَلْيَقْعُدْ وَلْيَسْتَظِلَّ ﴾ ؛ فَأَخْبَرَهُ بِإِتْمَامِ الْعِبَادَةِ وَنَهَاهُ عَنْ فِعْلِ الْمُبَاحِ.
وَأَمَّا الْمَعْصِيَةُ فَهِيَ سَاقِطَةٌ إجْمَاعًا ؛ ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :﴿ مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ فَلَا يَعْصِهِ ﴾. أ هـ ﴿أحكام القرآن لابن العربى حـ ١ صـ ٣٥٢ ﴾
وقال ابن عادل :
والنذر ما يوجبه الإنسان على نفسه وهذا النوع من النَّذْر كان في بني إسرائيل، ولم يوجَد في شرعنا.
قال ابن العربي :" لا خلاف أن امرأة عمران لا يتطرق إلى حَمْلِها نذرٌ ؛ لكونها حُرَّةٌ، فلو كانت امرأته أَمَة فلا خلاف أن المرء لا يصح له نذر في ولده. وكيفما تصرفت حاله فإنه إن كان الناذرُ عبداً فلم يتقرر وله في ذلك، وإن كان حُرًّا، فلا يصح أن يكون، مملوكاً له، وكذلك المرأة مثله، فأي وجه للنذر فيه ؟ وإنما معناه - والله أعلم - أن المرء إنما يريدُ ولَده للأنس به والتسلّي، والاستنصارِ، فطلبت هذه المرأة أنساً به، وسُكوناً إليه، فلمَّا مَنَّ الله - تعالى - عليها به نذرَتْ أن حظها من الأنس متروك فيه، وهو على خدمة الله - تعالى - موقوفٌ، وهذا نَذْر الأحرار من الأبرار، وأرادت به مُحَرَّراً من جهتي رق الدنيا وأشغالها. أ هـ ﴿تفسير ابن عادل حـ ٥ صـ ١٧٠ ـ ١٧١﴾
قوله تعالى ﴿فَتَقَبَّلْ مِنّي إِنَّكَ أَنتَ السميع العليم﴾
قال الفخر :
التقبل : أخذ الشيء على الرضا، قال الواحدي : وأصله من المقابلة لأنه يقبل بالجزاء، وهذا كلام من لا يريد بما فعله إلا الطلب لرضا الله تعالى والإخلاص في عبادته، ثم قالت ﴿إِنَّكَ أَنتَ السميع العليم﴾ والمعنى : أنك أنت السميع لتضرعي ودعائي وندائي، العليم بما في ضميري وقلبي ونيتي. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٨ صـ ٢٣﴾