فإن هذا الكلام تحزن وتفجع وليس بإخبار، وحاصل المعنى هنا على ما قرر فلما وضعت بنتاً تحسرت إلى مولاها وتفجعت إذ خاب منها رجاها وعلى هذا لا إشكال أصلاً في التأنيث ولا في الجزاء نفسه، ولا في ترتبه على الشرط، وما قيل : إنه يحتمل أن يكون فائدة هذا الكلام التحقير للمحرر استجلاباً للقبول لأنه من تواضع لله تعالى رفعه الله سبحانه فمستحقر من القول بالنسبة إلى ما ذكرنا ؛ والتأكيد هنا قيل : للرد على اعتقادها الباطل وربما أنه يعود إلى الاعتناء والمبالغة في التحسر الذي قصدته والرمز إلى أنه صادر عن قلب كسير وفؤاد بقيود الحرمان أسير. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٣ صـ ١٣٤﴾
قال الفخر :
اعلم أن الفائدة في هذا الكلام أنه تقدم منها النذر في تحرير ما في بطنها، وكان الغالب على ظنها أنه ذكر فلم تشترط ذلك في كلامها، وكانت العادة عندهم أن الذي يحرر ويفرغ لخدمة المسجد وطاعة الله هو الذكر دون الأنثى فقالت ﴿رَبّ إِنّى وَضَعْتُهَا أنثى﴾ خائفة أن نذرها لم يقع الموقع الذي يعتمد به ومعتذرة من إطلاقها النذر المتقدم فذكرت ذلك لا على سبيل الإعلام لله تعالى، تعالى الله عن أن يحتاج إلى إعلامها، بل ذكرت ذلك على سبيل الاعتذار. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٨ صـ ٢٣ ـ ٢٤﴾
" فوائد لغوية وإعرابية "
قال ابن عادل :
قوله :﴿ فَلَمَّا وَضَعَتْهَا ﴾ الضمير في " وضعتها " يعود على " ما " - من حيث المعنى- ؛ لأن الذي في بطنها أنْثَى - في علم الله - فعاد الضمير على معناها دون لفظها.
وقيل : إنما أنث ؛ حَمْلاً على مضيّ النسمة أو الْجِبلَّة أو النفس، قاله الزمخشريُّ.
وقال ابنُ عطية : حملاً على الموجودة، ورفعاً للفظ " ما " في قوله ﴿ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّراً ﴾.
قوله :﴿ أنثى ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : أنها منصوبة على الحال، وهي حال مؤكِّدَة ؛ لأن التأنيث مفهوم من تأنيث الضمير، فجاءت " أنثى " مؤكدة.