لطيفة
قال ابن عطية :
وجاءت العبارة في أمر زكريا يفعل وجاءت هنا، ﴿ يخلق ﴾ من حيث أمر زكرياء داخل في الإمكان الذي يتعارف وإن قل وقصة مريم لا تتعارف البتة، فلفظ الخلق أقرب إلى الاختراع وأدل عليه، وروي أن عيسى عليه السلام، ولد لثمانية أشهر (١) فلذلك لا يعيش من يولد من غيره لمثل ذلك. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ١ صـ ٤٣٧﴾
وقال ابن كثير :
ولم يقل :"يفعل" كما في قصة زكريا، بل نص هاهنا على أنه يخلق ؛ لئلا يبقى شبهة، وأكد ذلك بقوله :﴿ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾ أي : فلا يتأخر شيئًا، بل يوجد عقيب الأمر بلا مهلة، كقوله تعالى :﴿ وَمَا أَمْرُنَا إِلا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ ﴾ [ القمر : ٥٠ ] أي : إنما نأمر مرة واحدة لا مثنوية فيها، فيكون ذلك الشيء سريعًا كلمح بالبصر. أ هـ ﴿تفسير ابن كثير حـ ٢ صـ ٤٤﴾
لطيفة
قال التسترى :
قوله :﴿ كَذَلِكَ الله يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ إِذَا قضى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾ [ ٤٧ ] قال : إذا كان في علمه السابق الأزلي أمر فأراد إظهاره قال له كن فيكون، قال القائل شعر :[ من الطويل ]
قضى قبلَ خلقِ ما هو خالقٌ | خلائقَ لا يَخفى عليه أمورُها |
هواها ونجواها ومضمر قلبها | وقبل الهوى ماذا يكون ضميرُها. أ هـ ﴿تفسير السعدى صـ ٧٦﴾ |
قوله جلّ ذكره :﴿ قَالَت رَبِّ أنَّى يَكُونُ لِى وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِى بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ﴾.
كما شاهدت ظهور أشياء ناقضة للعادة في رزقنا فكذلك ننقض العادة في خلق ولدٍ من غير مسيس بشر.
قوله جلّ ذكره :﴿ إِذَا قَضَى أَمْرًا ﴾.
أي أراد إمضاء حُكْم.
﴿ فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾.
فلا يتعسر عليه إبداء ولا إنشاء.
ولمَا بسطوا فيها لسان الملامة أنطق الله عيسى عليه السلام وهو ابن يومٍ حتى قال :
﴿ أَنِّى قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ ﴾. أ هـ ﴿لطائف الإشارات حـ ١ صـ ٢٤٤﴾
(١) هذه الرواية تفتقر إلى سند صحيح. والله أعلم.