ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ ذَلِكَ الَّذِي قَصَصْنَاهُ عَلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ مِنْ أَخْبَارِ مَرْيَمَ وَزَكَرِيَّا مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ لَمْ تَشْهَدْهُ أَنْتَ وَلَا أَحَدٌ مِنْ قَوْمِكَ، وَلَمْ تَطَّلِعْ عَلَى شَيْءٍ مِنْهُ فِي الْكِتَابِ وَإِنَّمَا نَحْنُ نُوحِيهِ إِلَيْكَ بِإِنْزَالِ الرُّوحِ الْأَمِينِ الَّذِي خَاطَبَ مَرْيَمَ وَزَكَرِيَّا بِمَا خَاطَبَهُمَا بِهِ عَلَى قَلْبِكَ، وَإِلْقَائِهِ فِي رَوْعِكَ خَبَرَ مَا وَقَعَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي ذَلِكَ وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَضَمِيرُ نُوحِيهِ رَاجِعٌ إِلَى الْغَيْبِ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيْ قِدَاحَهُمُ الْمَبْرِيَّةَ، فَالسِّهَامُ وَالْأَزْلَامُ الَّتِي يَضْرِبُونَ بِهَا الْقُرْعَةَ وَيُقَامِرُونَ تُسَمَّى أَقْلَامًا أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ أَيْ يَسْتَهِمُونَ بِهَذِهِ الْأَقْلَامِ وَيَقْتَرِعُونَ عَلَى كَفَالَةِ مَرْيَمَ، حَتَّى قَرَعَهُمْ زَكَرِيَّا فَكَانَ كَافِلَهَا وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ فِي ذَلِكَ وَلَمْ يَتَّفِقُوا عَلَى كَفَالَتِهَا إِلَّا بَعْدَ الْقُرْعَةِ.
قَالَ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ : أَعْقَبَ هَذِهِ الْقِصَّةَ بِهَذِهِ الْآيَةِ النَّاطِقَةِ بِأَنَّهَا مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ، وَأَخَّرَ خَبَرَ إِلْقَاءِ الْأَقْلَامِ لِكَفَالَةِ مَرْيَمَ وَذَكَرَهُ فِي سِيَاقِ نَفْيِ حُضُورِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -


الصفحة التالية
Icon