الثاني : أن يكون نَسَقاً على " كَهْلاً " الذي هو حال من الضمير المستتر في " وَيُكَلِّمُ "، أي : يكلم الناسَ طفلاً وكهلاً ومُرْسَلاً إلى بني إسرائيلَ، وقد جَوَّز ذلك ابنُ عطيةَ، واستبعده أبو حيّان ؛ لطول الفصل بين المعطوف والمعطوف عليه.
قال شهاب الدين :" ويظهر أن ذلك لا يجوز - من حيث المعنى - إذْ يصير التقدير : يكلم الناس في حال كونه رسولاً إليهم وهو إنما صار رسولاً بعد ذلك بأزمنةٍ ".
فإن قيل : هي حَالٌ مُقَدَّرة، كقولهم : مررت برجلٍ معه صقرٌ صائداً به غداً، وقوله :﴿ فادخلوها خَالِدِينَ ﴾ [ الزمر : ٧٣ ].
وقيل : الأصل في الحال أن تكون مقارنة، ولا تكون مقدّرة إلا حيث لا لَبْسَ.
الثالث : أن يكون منصوباً بفعل مُضْمَرٍ لائقٍ بالمعنى، تقديره : ويجعله رسولاً، لما رأوه لا يصح عطفه على مفاعيل التعليم أضمروا له عاملاً يناسب. وهذا كما قالوا في قوله :﴿ والذين تَبَوَّءُوا الدار والإيمان ﴾ [ الحشر : ٩ ] وقوله :[ مجزوء الكامل ]
يَا لَيْتَ زَوْجَكِ قَدْ غَدَا... مُتَقَلِّداً سيْفاً وَرُمْحَا
وقول الآخر :[ الكامل ]
فَعَلَفتُهَا تبْناً وَمَاءً بَارِداً...........................
وقول الآخر :[ الوافر ]
............................ وَزَجَّجْنَ الْحَوَاجِبَ وَالْعُيُونَا
أي : واعتقدوا الإيمانَ، وحاملاً رُمْحاً، وسيقتها ماءً بارداً، وكحَّلْنَ العيون.
وهذا على أحد التأويلين في هذه الأمثلة.
الرابع : أن يكون منصوباً بإضمار فعل من لفظ " رسول " ويكون ذلك الفعل معمولاً لقول مُضْمَرٍ - أيضاً - هو من قول عيسى.