فائدة
قال ابن عطية :
حقيقة الإذن في الشيء هي العلم بأنه يفعل والتمكين من ذلك، فإن اقترن بذلك قول فذلك أمكن في الإذن وأبلغ، ويخرج من حد الإذن إلى حد الأمر ولكن تجده أبداً في قسم الإباحة، وتأمل قوله تعالى :﴿ فهزموهم بإذن الله ﴾ [ البقرة : ٢٥١ ]، وقول النبي عليه السلام، وإذنها صماتها. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ١ صـ ٤٣٩﴾
فصل
قال ابن عادل :
روي أن عيسى - عليه السلام - لما ادَّعَى النبوةَ، وأظهر المعجزات، طالبوه بخَلْق خفاش فأخذ طيناً، فصوَّره، فنفخ فيه، فإذا هو يطير بين السماء والأرض.
قال وَهْبٌ : كان يطير ما دام الناسُ ينظرون إليه، فإذا غاب عن أعينهم سقط ميِّتاً، ليتميز فعلُ الخلْق من فعل الخالق.
قيل : خلق الخُفَّاش، لأنه أكمل الطير خَلْقاً، وأبلغ في القدرة ؛ لأن لها ثَدْياً وأسْنَاناً وأذناً، وهي تحيض وتطهر وتَلِد.
وقيل : إنما طالبوه بخلق خُفَّاش ؛ لأنه أعجب من سائر الخلق، ومن عجائبه أنه لحم ودم، يطير بغير ريش ويلد كما يَلِد الحيوان، ولا يبيض كما يبيض سائر الطُّيور، ويكون له الضرع يخرج منه اللبن، ولا يُبصر في ضوء النهار، ولا في ظلمة الليل، وإنما يرى في ساعتين : بعد غروب الشمس سَاعةً، وبعد طلوع الفجر سَاعةً - قبل أن يُسْفِر جِدًّا - ويضحك كما يضحك الإنسان، ويحيض كما تحيض المرأة. قال قوم إنه لم يخلق غير الخفاش. وقال آخرون : إنه خلق أنواعاً من الطّيْرِ. أ هـ ﴿تفسير ابن عادل حـ ٥ صـ ٢٤٦﴾