الجواب عن وجه التخصيص والله أعلم : أن الترتيب الذى استقر عليه القرآن فى سوره وآياته أصل مراعى وقد تقدم بعض إشارة إلى ذلك ولعلنا سنزيد فى بيانه إن شاء الله وعودة الضمير على اللفظ وما يرجع إليه أولى وعودته على المعنى ثان عن ذلك وكلا التعبيرين عال فصيح فعاد فى آية آل عمران على الكاف لأنها تعاقب مثل وهو مذكر فهذا لحظ لفظى ثم عاد فى آية المائدة إلى الكاف من حيث هى فى المعنى صفة لأن المثل صفة فى التقدير المعنوى فحصل مراعاة المعنى ثانيا على ما يجب كما ورد فى قوله تعالى :"ومن يقنت منكن لله ورسوله" بعودة الضمير من يقنت مذكرا رعيا للفظ "من"، ثم قال : وتعمل بالتاء رعيا للمعنى وهو كثير وقد بينا أن رعى اللفظ فى ذلك هو الأولى فجرى فى آية آل عمران على ذلك لأنها متقدمة فى الترتيب وجرى فى آية المائدة على ما هو ثان إذ هى ثانية فى الترتيب وذلك على ما يجب.
وجواب ثان : وهو أنه قد ورد قبل ضمير آية آل عمران من لدن قوله تعالى :"وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم" إلى قوله :"فأنفخ فيه" نحو من عشرين ضميرا من ضمائر المذكر فورد الضمير فى قوله"فأنفخ فيه" ضمير مذكر ليناسب ما تقدمه ويشاكل الأكثر الوارد قبله.
أما آية العقود فمفتتحة بقوله تعالى :"اذكر نعمتى عليك" وخلقه الطائر ونفخه فيه من أجل نعمه تعالى عليه لتأييده بذلك فناسب ذلك تأنيث الضمير ولم تكثر الضمائر هنا ككثرتها هناك فجاء كل من الآيتين على أتم مناسبة.