وإياك أن تقول إن معجزة موسى كانت سحرا ؛ لأن موسى عليه السلام لم ينزل بسحر ولكن بمعجزة. كانوا هم يخيلون للناس أشياء ليست واقعا لذلك تجد القرآن يعطيك الفارق بين ما يكون عليه ما يأتي به الله على يد رسول من الرسل من معجزة وسحر القوم، فيقول القرآن :
﴿ وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يامُوسَى * قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى * قَالَ أَلْقِهَا يامُوسَى * فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى ﴾
[طه : ١٧-٢٠].
كأن الحق يقول لموسى عليه السلام : إن حدود علمك بما في يدك أنها عصا تتوكأ عليها وتهش بها على غنمك، أما علمي أنا فهو علم آخر. لذلك يأمره أن يلقى العصا، فلما ألقاها وجدها حية تسعى، فأوجس في نفسه خيفة.. إن " أوجس في نفسه خيفة " هي التي فرقت بين سحر القوم ومعجزة موسى عليه السلام ".
لماذا ؟ لأن الساحر يلقى العصا فيراها الناس حية وهو يراها عصا لأنّ الساحر لو رآها حية لخاف مثل الناس، لقد خاف موسى عليه السلام لأنها تغيرت وصارت حية فعلا، ولذلك قال له الله :
﴿ قَالَ خُذْهَا وَلاَ تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيَرتَهَا الأُولَى ﴾
[طه : ٢١].
فلو كانت من جنس السحر لما أوجس في نفسه خيفة لأنه سوف يراها عصا وإن رآها غيره حية، وهذا هو الفارق.