فبلغ ذلك اليهود فازدادوا عليه غضباً، وكان ملك منهم في ناحية في مدينة لها نصيبين جباراً عاتياً، وأمر عيسى بالمسير إليه ليدعوه وأهل تلك المدينة إلى المراجعة، فمضى حتى شارف المدينة ومعه الحواريون فقال لأصحابه : ألا رجل منكم ينطلق إلى المدينة فينادي فيها فيقول : إن عيسى عبد الله ورسوله. فقام رجل من الحواريين يقال له يعقوب فقال : أنا يا روح الله. قال : فاذهب فأنت أول من يتبرأ مني، فقام آخر يقول له توصار وقال له : أنا معه قال : وأنت معه ومشيا، فقام شمعون فقال : يا روح الله أكون ثالثهم فائذن لي أن أنال منك أن اضطررت إلى ذلك ؟ قال : نعم.
فانطلقوا حتى إذا كانوا قريباً من المدينة قال لهما شمعون : ادخلا المدينة فبَلَّغا ما أُمِرْتُمَا، وأنا مقيم مكاني، فإن ابتليتما أقبلت لكما. فانطلقا حتى دخلا المدينة وقد تحدث الناس بأمر عيسى، وهم يقولون فيه أقبح القول وفي أمه. فنادى أحدهما وهو الأول : ألا أن عيسى عبدالله ورسوله، فوثبوا إليهما من القائل أنْ عيسى عبدالله ورسوله ؟ فتبرأ الذي نادى فقال : ما قلت شيئاً فقال الآخر : قد قلت وأنا أقول : إن عيسى عبد الله ورسوله، وكلمته ألقاها إلى مريم، وروح منه فآمنوا به يا معشر بني إسرائيل خيراً لكم، فانطلقوا به إلى ملكهم وكان جباراً طاغياً فقال له : ويلك ما تقول ؟! قال : أقول : إن عيسى عبدالله ورسوله، وكلمته ألقاها إلى مريم، وروح منه. قال : كذبت. فقذفوا عيسى وأمه بالبهتان ثم قال له : تبرأ ويلك من عيسى وقل فيه مقالتنا. قال : لا أفعل. قال : إن لم تفعل قطعت يديك ورجليك، وسمرت عينيك. فقال : افعل بنا ما أنت فاعل. ففعل به ذلك فألقاه على مزبلة في وسط مدينتهم.


الصفحة التالية
Icon