أحدها : أنه تعالى طهرها عن الكفر والمعصية، فهو كقوله تعالى في أزواج النبي ﷺ ﴿وَيُطَهّرَكُمْ تَطْهِيراً﴾ [ الأحزاب : ٣٣ ]
وثانيها : أنه تعالى طهرها عن مسيس الرجال
وثالثها : طهرها عن الحيض، قالوا : كانت مريم لا تحيض
ورابعها : وطهرك من الأفعال الذميمة، والعادات القبيحة
وخامسها : وطهرك عن مقالة اليهود وتهمتهم وكذبهم.
وأما الاصطفاء الثاني : فالمراد أنه تعالى وهب لها عيسى عليه السلام من غير أب، وأنطق عيسى حال انفصاله منها حتى شهد بما يدل على براءتها عن التهمة، وجعلها وابنها آية للعالمين، فهذا هو المراد من هذه الألفاظ الثلاثة. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٨ صـ ٣٨ ﴾
وقال ابن الجوزى :
وفي هذا الاصطفاء الثاني : أربعة أقوال.
أحدها : أنه تأكيد للأول.
والثاني : أن الأول للعبادة، والثاني : لولادة عيسى عليه السلام.
والثالث : أن الاصطفاء الأول اختيار مبهمَ، وعموم يدخل فيه صوالح من النساء، فأعاد الاصطفاء لتفضيلها على نساء العالمين.
والرابع : أنه لما أطلق الاصطفاء الأول، أبان بالثاني أنها مصطفاة على النساء دون الرجال. أ هـ ﴿زاد المسير حـ ١ صـ ٣٨٧﴾
فائدة
قال الآلوسى ولله دره :
المراد من نساء العالمين قيل : جميع النساء في سائر الأعصار، واستدل به على أفضليتها على فاطمة، وخديجة، وعائشة رضي الله تعالى عنهن، وأيد ذلك بما أخرجه ابن عساكر في أحد الطرق عن ابن عباس أنه قال : قال رسول الله ﷺ :" سيدة نساء أهل الجنة مريم بنت عمران، ثم فاطمة، ثم خديجة، ثم آسية امرأة فرعون " وبما أخرجه ابن أبي شيبة عن مكحول، وقريب منه ما أخرجه الشيخان عن أبي هريرة قال : قال رسول الله ﷺ :" خير نساء ركبن الإبل نساء قريش أحناه على ولد في صغره وأرعاه على بعل في ذات يده ولو علمت أن مريم ابنة عمران ركبت بعيراً ما فضلت عليها أحداً "


الصفحة التالية
Icon