فصل


قال الفخر :
قوله ﴿وَمِنَ المقربين﴾ فيه وجوه
أحدها : أنه تعالى جعل ذلك كالمدح العظيم للملائكة فألحقه بمثل منزلتهم ودرجتهم بواسطة هذه الصفة
وثانيها : أن هذا الوصف كالتنبيه على أنه عليه السلام سيرفع إلى السماء وتصاحبه الملائكة
وثالثها : أنه ليس كل وجيه في الآخرة يكون مقرباً لأن أهل الجنة على منازل ودرجات، ولذلك قال تعالى :﴿وَكُنتُمْ أَزْوَاجاً ثلاثة﴾ [ الواقعة : ٧ ] إلى قوله ﴿والسابقون السابقون * أُوْلَئِكَ المقربون﴾ [ الواقعة : ١٠-١١ ]. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٨ صـ ٤٥﴾
من لطائف الإمام القشيرى فى الآية
لم يُبَشرها بنصيب لها في الدنيا ولا في الآخرة من حيث الحظوظ، ولكن بَشَّرها بما أثبت في ذلك من عظيم الآية، وكونه نبياً لله مؤيَّداً بالمعجزة.
ويقال عرَّفها أن مَنْ وقع في تغليب القدرة، وانتهى عند حكمه يَلْقَى من عجائب القدرة ما لا عهد به لأحد. ولقد عاشت مريم مدةً بجميل الصيت، والاشتهار بالعفة، فشوَّش عليها ظاهر تلك الحال بما كان عند الناس بسبب استحقاق ملام، ولكن - في التحقيق - ليس كما ظَنَّهُ الأغبياء الذين سكرت أبصارهم من شهود جريان التقدير.
وقيل إنه (.... ) عَرَّفها ذلك بالتدريج والتفصيل، فأخبرها أن ذلك الولَدَ يعيش حتى يُكَلِّمَ الناس صبيَّا وكهلا، وأن كيد الأعداء لا يؤثر فيه.
وقيل كهلاً بعد نزوله من السماء.
ويقال ربط على قلبها بما عرَّفها أنه إذا لم ينطق لسانها بذكر براءة سَاحتها يُنْطِقُ اللهُ عيسى عليه السلام بما يكون دلالة على صدقها وجلالتها. أ هـ ﴿لطائف الإشارات حـ ١ صـ ٢٤٣﴾


الصفحة التالية
Icon