وقال أبو العباس : كلمهم في المهد حين برّأ أمَّه فقال :﴿ إِنِّي عَبْدُ الله ﴾ [ مريم : ٣٠ ] الآية.
وأما كلامه وهو كهل فإذا أنزله الله تعالى من السماء أنزله على صورة ابن ثلاثٍ وثلاثين سنة وهو الكهل فيقول لهم :﴿ إني عبد الله ﴾ كما قال في المهد.
فهاتان آيتان وحجتان.
قال المهدوِي : وفائدة الآية أنه أعلمهم أن عيسى عليه السلام يكلمهم في المهد ويعيش إلى أن يكلمهم كهلاً، إذ كانت العادة أن من تكلم في المهد لم يعش.
قال الزجاج :"وكهلاً" بمعنى ويكلم الناس كهلاً.
وقال الفَرّاء والأخفش : هو معطوف على "وجِيهاً".
وقيل : المعنى ويكلم الناس صغيراً وكهلاً.
وروى ابن جُريج عن مجاهد قال : الكهل الحليم.
قال النحاس : هذا لا يُعرف في اللغة، وإنما الكهل عند أهل اللغة من ناهز الأربعين.
وقال بعضهم : يقال له حَدَث إلى ستّ عشرة سنة.
ثم شابّ إلى اثنتين وثلاثين.
ثم يَكْتهل في ثلاثٍ وثلاثين ؛ قاله الأخفش. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٤ صـ ٩٠ ـ ٩١﴾
أسئلة وأجوبة للإمام الفخر :
السؤال الأول : ما الكهل ؟.
الجواب : الكهل في اللغة ما اجتمع قوته وكمل شبابه، وهو مأخوذ من قول العرب اكتهل النبات إذا قوي وتم قال الأعشى :
يضاحك الشمس منها كوكب شرق.. مؤزر بحميم النبت مكتهل
أراد بالمكتهل المتناهي في الحسن والكمال.
السؤال الثاني : أن تكلمه حال كونه في المهد من المعجزات، فأما تكلمه حال الكهولة فليس من المعجزات، فما الفائدة في ذكره ؟.
والجواب : من وجوه
الأول : أن المراد منه بيان كونه متقلباً في الأحوال من الصبا إلى الكهولة والتغير على الإله تعالى محال، والمراد منه الرد على وفد نجران في قولهم : إن عيسى كان إلها
والثاني : المراد منه أن يكلم الناس مرة واحدة في المهد لإظهار طهارة أمه، ثم عند الكهولة يتكلم بالوحي والنبوة


الصفحة التالية
Icon