وانحصرت شريعة عيسى في إحياء أحكام التوراة وما تركوه فيها وهو في هذا كغيره من أنبياء بني إسرائيل، وفي تحليل بعض ما حرمه الله عليهم رعياً لحالهم في أزمنة مختلفة، وبهذا كان رسولاً.
قيل أحلّ لهم الشحوم، ولحوم الإبل، وبعض السمك، وبعض الطير : الذي كان محرّماً من قبل، وأحلّ لهم السبت، ولم أقف على شيء من ذلك في الإنجيل.
وظاهر هذا أنّه لم يحرّم عليهم ما حلّل لهم، فما قيل : إنّه حرّم عليهم الطلاق فهو تقوُّل عليه وإنّما حذّرهم منه وبَيّن لهم سوء عواقبه، وحرّم تزوج المرأة المطلّقة وينضم إلى ذلك ما لا تخلو منه دعوة : من تذكير، ومواعظ، وترغيبات.
﴿ وَجِئْتُكُمْ بِأَيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فاتقوا الله وَأَطِيعُونِ ﴾ ﴿ إِنَّ الله رَبِّى وَرَبُّكُمْ فاعبدوه هذا صراط مُّسْتَقِيمٌ ﴾.
وقوله :﴿ وجئتكم بآية من ربكم ﴾ تأكيد لقوله الأولِ :﴿ أنى قد جئتكم بآية من ربكم ﴾ [ آل عمران : ٤٩ ].
وإنما عطف بالواو لأنه أريد أن يكون من جملة الأخبار المتقدّمة ويحصل التأكيد بمجرّد تقدم مضمونه، فتكون لهذه الجملة اعتباران يجعلانها بمنزلة جملتين، وليبنى عليه التفريع بقوله :﴿ فاتقوا الله وأطيعون ﴾. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٣ صـ ١٠٣﴾


الصفحة التالية