إن لله حكمة فيما يحلل وحكمة فيما يحرم، إنما إياك أن تفهم أن كل شيء يحرمه الله يكون ضارا ؛ قد يحرم الله أشياء لتأديب الخلق، فيأمر بالتحريم، ولا يصح أن تسأل عن الضرر فيها، وقد يعيش المؤمن دنياه ولم يثبت له ضرر بعض ما حرم الله. فإن تساءل أحد : لماذا حرم الله ذلك ؟ تقول له : من الذي قال لك إن الله حين يحرم فهو يحرم الشيء الضار فقط ؟ إنه الحق سبحانه يحرم الضار، ويحرم بعضا مما هو غير ضار، ولذلك قال الحق :
﴿ فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيراً ﴾
[النساء : ١٦٠].
وتفصيل ذلك في آية أخرى :
﴿ وَعَلَى الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَآ إِلاَّ مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَآ أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذلِكَ جَزَيْنَاهُم بِبَغْيِهِمْ وِإِنَّا لَصَادِقُونَ ﴾
[الأنعام : ١٤٦].
إذن التحرير ليس ضروريا أن يكون لما فيه الضرر، ولهذا جاء قول الحق على لسان عبده ورسوله إلى بني إسرائيل عيسى ابن مريم :﴿ وَلأُحِلَّ لَكُم بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ ﴾ لقد جاء عيسى ابن مريم ليُحل لهم بأمر من الله ما كان قد حرمه الله عليهم من قبل.


الصفحة التالية
Icon