وهو إيجاب حكم تقوى الله تعالى وطاعته ولذلك جيء بالفاء في ﴿ فاتقوا الله ﴾ [ آل عمران : ٥٠ ] كأنه قيل : لما جئتكم بالمعجزات الباهرات والآيات الظاهرات فاتقوا الله الخ، وعلى هذا يكون قوله تعالى :﴿ إِنَّ الله ﴾ الخ ابتداء كلام وشروعاً في الدعوة المشار إليها بقول مجمل، فإن الجملة الاسمية المؤكدة بأن للإشارة إلى استكمال القوة النظرية بالاعتقاد الحق الذي غايته التوحيد، وقوله تعالى :﴿ فاعبدوه ﴾ إشارة إلى استكمال القوة العملية فإنه ملازمة الطاعة التي هي الاتيان بالأوامر والانتهاء عن المناهي، وتعقيب هذين الأمرين بقوله سبحانه :﴿ هذا صراط مُّسْتَقِيمٌ ﴾ تقرير لما سبق ببيان أن الجمع بين الأمرين الاعتقاد الحق، والعمل الصالح هو الطريق المشهود له بالاستقامة، ومعنى قراءة الفتح على ما ذكر لأن الله ربي وربكم فاعبدوه فهو كقوله تعالى :﴿ لإيلاف قُرَيْشٍ ﴾ [ قريش : ١ ] الخ، والإشارة إما إلى مجموع الأمرين، أو إلى الأمر الثاني المعلول للأمر الأول، والتنوين إما للتعظيم أو للتبعيض ؛ وجملة ﴿ هذا ﴾ الخ على ما قيل : استئناف لبيان المتقضي للدعوة. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٣ صـ ١٧٢ ـ ١٧٣﴾
فائدة
قال الطبرى :
وهذه الآية وإن كان ظاهرُها خبرًا، ففيه الحجة البالغة من الله لرسوله محمد ﷺ على الوفد الذين حاجُّوه من أهل نجران، بإخبار الله عزّ وجل عن أن عيسى كان بريئًا مما نسبه إليه مَن نسبه إلى غير الذي وصفَ به نفسه، من أنه لله عبدٌ كسائر عبيده من أهل الأرض، إلا ما كان الله جل ثناؤه خصَّه به من النبوة والحجج التي آتاه دليلا على صدقه - كما آتى سائرَ المرسلين غيره من الأعلام والأدلة على صدقهم - وحُجةً على نبوته. أ هـ ﴿تفسير الطبرى حـ ٦ صـ ٤٤٢﴾