وأما زيادة الضمير الفصلى فى سورة الزخرف فيحرز بمفهومه معنى ضروريا دعا إليه ما تقدم فى الآية قبله وذلك ما أشار اليه قوله سبحانه وتعالى :"ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون" إلى ما يتلو هذه ففى التفسير أنه لما نزل قوله تعالى :"إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم" الآية تعلق بها الكفار وقالوا قد عبدت الملائكة وعبد المسيح وأنت يا محمد تزعم أن عيسى نبى مقرب وأن الملائكة عباد مقربون فإذا كان هؤلاء مع آلهتنا فى النار فقد رضينا وجادلوا بهذا فأنزل الله تعالى :"إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون" وهذا مبسوط فى كتب التفسير فلما كان قد تقدم فى سورة الزخرف ذكر آلهتهم وقولهم :"ءآلهتنا خير أم هو" يعنون المسيح ناسبه ما أعقبه به من قوله تعالى حاكيا عن المسيح عليه السلام :"إن الله ربى وربكم" فكأن قد قيل : هؤلاء غيره فأحرز"هو" هذا المعنى ولم يرد فى آية آل عمران وآية مريم من ذكر آلهتهم ما ورد هنا فلم يحتج إلى الضمير المحرز لما ذكرناه وسنورد إن شاء الله فى قوله تعالى فى سورة النجم :"وأنه أضحك وأبكى وأنه أمات وأحيا" قوله بعد :"وأنه هو أغنى وأقنى وأنه هو رب الشعرى" بإثبات هذا الضمير فى أربعة مواضع وكونه لم يثبت فى قوله :"وأنه خلق الزوجين" ولا فى قوله :"وأن عليه النشأة الأخرى" ولا فى قوله :"وأنه أهلك عادا الأولى" وتوجيه ذلك والفرق بين ما ورد فيه منها الضمير وما لم يرد فيه ما يوضح وجه وروده فى آية الزخرف وسقوطه فى الآيتين قبلها أتم إيضاح وأشفاه، ومن هذا قوله تعالى :"فلما توفيتنى كنت أنت الرقيب عليهم" فـ"أنت" هنا كـ"هو" فيما ذكر
ومحرزة ذلك المعنى من إفراد المشار اليه بالضمير بما حصله الخبر فتأمله فإنه بين فيما ذكرناه والله أعلم. أ هـ ﴿ملاك التأويل صـ ٨٥ ـ ٨٧﴾


الصفحة التالية
Icon