قال أبو حيّان : وَلاَ يَتأتَّى ذلك من جهة المعنى إلا بمجاز ؛ لأن تقدير " من " البيانية بالموصول ليس بظاهر ؛ إذ لو قلتَ : ذلك تتلوه عليك الذي هو الآيات والذكر الحكيم لاحتجت إلى تأويل، وهو أن تجعل بعض الآيات والذكر آياتٍ وذكراً [ على سبيل المجاز ].
والحكيمُ : صيغة مبالغة محول من " فاعل ". ووصف الكتاب بذلك مجازاً ؛ لأن هذه الصفة الحقيقية لمنزِّله والمتكلم به، فوصف بصفة من هو من سببه - وهو الباري تبارك وتعالى - أو لأنه ناطق بالحكمة أو لأنه أحْكِم في نظمه. وجوزوا أن تكون بمعنى " مُفْعَل " أي : مُحْكَم، كقوله :﴿ كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ ﴾ [ هود : ١ ] إلا أن " فعيل " بمعنى " مُفْعَل " قليل، قد جاءت منه أليْفَاظ، قالوا : عقدت العسل فهو عقيد ومعقد وحبست الفرس [ في سبيل الله ] فهو حبيس ومُحْبَس. وفي قوله :" نَتْلُوه " التفات من غيبة إلى تكلُّم ؛ لأنه قد تقدمه اسم ظاهر - وهو قوله :﴿ والله لاَ يُحِبُّ الظالمين ﴾ - كذا قاله أبو حيّان، وفيه نظرٌ ؛ إذ يُحْتَمل أن يكون قوله :﴿ والله لاَ يُحِبُّ الظالمين ﴾ جِيء به اعتراضاً بَيْنَ أبعاض هذه القصَّةِ. أ هـ ﴿تفسير ابن عادل حـ ٥ صـ ٢٧٤ ـ ٢٧٥﴾
فصل
قال الفخر :
التلاوة والقصص واحد في المعنى، فإن كلا منهما يرجع معناه إلى شيء يذكر بعضه على إثر بعض، ثم إنه تعالى أضاف التلاوة إلى نفسه في هذه الآية، وفي قوله ﴿نَتْلُواْ عَلَيْكَ مِن نَّبَإِ موسى﴾ [ القصص : ٣ ] وأضاف القصص إلى نفسه فقال :﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ القصص﴾ [ يوسف : ٣ ] وكل ذلك يدل على أنه تعالى جعل تلاوة الملك جارية مجرى تلاوته سبحانه وتعالى، وهذا تشريف عظيم للملك، وإنما حسن ذلك لأن تلاوة جبريل ﷺ لما كان بأمره من غير تفاوت أصلاً أُضيف ذلك إليه سبحانه وتعالى. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٨ صـ ٦٥﴾
فائدة
قال الفخر :