إن كانت صورة طفل فهل هي صورة الله ؟ وإن كانت صورة كهل فهل هي صورة الله ؟ إن لله صورة واحدة لا نراها ولا نعرف كنهها فهو سبحانه " ليس كمثله شيء "، فأية صورة من الصور التي تقولون : إنها صورة الله ؟
وإن كان الله على كل هذه الصور فمعنى ذلك أن لله أغيارا، وهو سبحانه منزه عن ذلك، ولو كان على صورة واحدة لقلنا : إنه الثبات والأمر كذلك فهو - سبحانه - الحق الذي لا يتغير إنهم يقولون : إن الله أراد أن يجعل صورته في بشر ليؤنس الناس بالإله، فتمثل في عيسى.
ولنا أن نسأل : كم استغرق وجود عيسى على الأرض ؟ والإجابة : ثلاثين عاما أو يزيد قليلا. وهكذا تكون فترة معرفة الناس بالصورة الإلهية محدودة بهذه السنوات الثلاثين طبقا لتصوركم. ولا بد ان نسأل " ما عمر الخلق البشرى كله ؟ " إن عمر البشرية هو ملايين السنين. فهل ترك الله خلقه السابقين الأولين بدون أن يبدي لهم صورته، ثم ترك خلقه الآخرين الذين قدموا إلى الحياة بعد وفاة عيسى - أي تمام مهمته - ورفعه، بدون أن يعطيهم صورة له ؟ إن هذا تصور لإله ظالم، وسبحانه وتعالى منزه عن الشرك والظلم. فلا يعقل أن يضن بصورته فلا يبقيها إلا ثلاثين عاما ؟ إن هذا القول لا يقبله عقل يثق في عدالة الله المطلقة.
ثم إنهم يقولون : إن عيسى عليه السلام قد صلب، وهم معذورون والحق سبحانه وتعالى قد عذرهم في ذلك فأورد التأريخ الحق العادل، حين يقول :
﴿ وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَاكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً ﴾
[النساء : ١٥٧].