قوله تعالى :﴿خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ﴾
قال الفخر :
قوله تعالى :﴿خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ﴾ ليس بصلة لآدم ولا صفة ولكنه خبر مستأنف على جهة التفسير بحال آدم، قال الزجاج : هذا كما تقول في الكلام مثلك كمثل زيد، تريد أن تشبهه به في أمر من الأمور، ثم تخبر بقصة زيد فتقول فعل كذا وكذا. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٨ صـ ٦٦﴾

فصل


قال الفخر :
اعلم أن العقل دل على أنه لا بد للناس من والد أول، وإلا لزم أن يكون كل ولد مسبوق بوالد لا إلى أول وهو محال، والقرآن دل على أن ذلك الوالد الأول هو آدم عليه السلام كما في هذه الآية، وقال :﴿ياأيها الناس اتقوا رَبَّكُمُ الذى خَلَقَكُمْ مّن نَّفْسٍ واحدة وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا﴾ [ النساء : ١ ] وقال :﴿هُوَ الذى خَلَقَكُمْ مّن نَّفْسٍ واحدة وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا﴾ [ الأعراف : ١٨٩ ] ثم إنه تعالى ذكر في كيفية خلق آدم عليه السلام وجوهاً كثيرة
أحدها : أنه مخلوق من التراب كما في هذه الآية
والثاني : أنه مخلوق من الماء، قال الله تعالى :﴿وَهُوَ الذى خَلَقَ مِنَ الماء بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً﴾ [ الفرقان : ٥٤ ]
والثالث : أنه مخلوق من الطين قال الله تعالى :﴿الذى أَحْسَنَ كُلَّ شَىْء خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الإنسان مِن طِينٍ * ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلاَلَةٍ مّن مَّاء مَّهِينٍ﴾ [ السجدة : ٧، ٨ ]
والرابع : أنه مخلوق من سلالة من طين قال تعالى :﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان مِن سلالة مّن طِينٍ * ثُمَّ جعلناه نُطْفَةً فِى قَرَارٍ مَّكِينٍ﴾ [ المؤمنون : ١٢، ١٣ ]
الخامس : أنه مخلوق من طين لازب قال تعالى :﴿إِنَّا خلقناهم مّن طِينٍ لاَّزِبٍ﴾ [ الصافات : ١١ ]
السادس : إنه مخلوق من صلصال قال تعالى :﴿إِنّى خالق بَشَرًا مِّن صلصال مّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ﴾ [ الحجر : ٢٨ ]


الصفحة التالية
Icon