وقيل : اشتقاقه من حار يَحُور - أي : رَجَع. قال تعالى :﴿ إِنَّهُ ظَنَّ أَن لَّن يَحُورَ ﴾ [ الانشقاق : ١٤ ]. أي لن يرجع، فكأنهم الراجعون إلى الله تعالى حار يحور حَوَراً - أي : رجع - وحار يحور حَوَراً - إذا تردَّد في مكانه ومنه : حار الماء في القدر، وحار في أمره، وتحيَّر فيه، وأصله تَحَيْوَرَ، فقُلِبَت الواوُ ياءً، فوزنه تَفَيْعَل، لا تفعَّل ؛ إذْ لو كان تفعّل لقيل : تحوَّر نحو تجوَّز ومنه قيل للعود الذي تُشَدُّ عليه البكرة : مِحْوَر ؛ لتردُّدِهِ، ومَحَارة الأذُنِ، لظاهره المنقعر - تشبيهاً بمحارة الماء ؛ لتردُّد الهواء بالصوت كتردُّد الماء في المحارة، والقوم في حوارى أي : في تَرَدُّد إلى نقصان، ومنه :" نعوذ بالله من الحور بعد الكور " وفيه تفسيران : أحدهما : نعوذ بالله من التردُّد في الأمر بعد المُضِيِّ فيه والثاني : نعوذ بالله من النقصان والتردُّد في الحال بعد الزيادةِ فيها.
ويقال : حَارَ بعدما كان. والمحاورة : المرادَّة في [ الكلام ]، وكذلك التحاورُ، والحوار، ومنه :﴿ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ ﴾ [ الكهف : ٣٤ ] و﴿ والله يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمآ ﴾ [ المجادلة : ١ ] ومنه أيضاً : كلمته فما رجع إليَّ حواراً وحَوِيراً ومَحُورة وما يعيش بحَوْر - أي : بعَقْل يرجع إليه. والحور : ظهور قَلِيلِ بَيَاض في العين من السواد، وذلك نهاية الحُسْنِ في العينِ، يقال - منه - : أحورت عينه، والمذكر أحور، والمؤنث حوراء والجمع فيهما حور - نحو حُمر في جمع أحمر وحمراء-.
وقيل : سُمِّيت الحوراءُ حوراء لذلك.
وقيل : اشتقاقهم من نقاء القلب وخلوصه وصدقه، قاله أبو البقاء والضَّحَّاك، وهو راجع للمعنى الأول من خلوص البياض، فهو مجاز عن التنظيف من الآثام، وما يشوب الدين.
قاله ابن المبارك : سُمُّوا بذلك ؛ لما عليهم من أثر العبادة ونورها.