فلما سمعت مريم ذلك قالت : يا ولدي ادع الله ليكفي ذلك. فقال عليه السلام : يا أمي إني إن فعلت ذلك كان فيه شر. فقالت : قد أحسن وأكرم ولا بد من إكرامه. فقال عيسى عليه السلام : إذا قرب مجيء الملك فاملأ قدورك وخوابيك ثم أعلمني. فلما فعل دعا الله تعالى فتحول ما في القدور طبيخاً، وما في الخوابي خمراً. فلما جاءه الملك أكل وشرب وسأله من أين هذه الخمر؟ فتوقف الرجل في الجواب وتعلل، فلم يزل يطالبه حتى أخبره بالواقعة فقال : إن من دعا الله حتى جعل الماء خمراً إذا دعاه حتى يحيي ولدي أجابه - وكان ابنه قد مات في تلك الأيام - فدعا عيسى عليه السلام وطلب منه ذلك فقال له عيسى : لا تفعل فإنه إن عاش كان شراً عليه - فقال : ما أبالي ما كان فدعا الله فعاش الغلام لكلام عيسى عليه السلام، فلما رآه أهل مملكته قد عاش تنادوا بالسلاح واقتتلوا وصار أمر عيسى عليه السلام مشهوراً وقصد اليهود قتله ﷺ وأظهروا الطعن فيه. وقيل : إن اليهود كانوا عارفين أنه هو المسيح المبشر به في التوراة أنه ينسخ دينهم فكانوا طاعنين فيه من أول الأمر طالبين قتله ﴿ قال من أنصاري إلى الله ﴾ قيل : إنه لما دعا عليه السلام بني إسرائيل إلى الدين وتمردوا عليه السلام فر منهم وأخذ يسيح في الأرض فمر بطائفة صيادي السمك - منهم شمعون ويعقوب من جملة الحواريين الاثني عشر - فقال عيسى عليه السلام : إنكم تصيدون السمك فهل لكم أن تسيروا بحيث تصيدون الناس لحياة الأبد؟ فطلبوا منه المعجزة وكان شمعون قد رمى شبكته تلك الليلة في الماء فما اصطاد شيئاً فأمره عيسى عليه السلام بإلقاء شبكته في الماء مرة أخرى، فاجتمع في تلك الشبكة من السمك ما كادت تتمزق، واستعانوا بأهل سفينة أخرى وملؤا السفينتين فعند ذلك آمنوا بعيسى. وقيل : إن اليهود لما طلبوه في آخر أمره للقتل وكان هو في الهرب منهم قال لأولئك الاثني عشر من الحواريين : أيكم يحب أن يكون


الصفحة التالية
Icon