والثاني : أن معاملة الله معهم كانت شبيهة بالمكر فسمي بذلك الثالث : أن هذا اللفظ ليس من المتشابهات، لأنه عبارة عن التدبير المحكم الكامل ثم اختص في العرف بالتدبير في إيصال الشر إلى الغير، وذلك في حق الله تعالى غير ممتنع والله أعلم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٨ صـ ٥٩﴾
وقال ابن عاشور فى معنى الآية :
﴿وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾
عطف على جملة ﴿ فلما أحس عيسى منهم الكفر ﴾ فإنّه أحس منهم الكفر وأحس منهم بالغدر والمكر.
وضمير مكروا عائد إلى ما عاد إليه ضمير منهم وهم اليهود وقد بَيّن ذلك قولُه تعالى، في سورة الصف ( ١٤ ) :﴿ قال الحواريون نحن أنصار الله فآمنت طائفة من بني إسرائيل وكفرت طائفة ﴾ والمكر فعل يُقصد به ضر ضُرُّ أحَد في هيئة تخفى عليه، أو تلبيس فعل الإضرار بصورة النفع، والمراد هنا : تدبير اليهود لأخذ المسيح، وسعيُهم لدى ولاة الأمور ليمكّنوهم من قتله.
ومَكْرُ الله بهم هو تمثيل لإخفاق الله تعالى مساعيَهم في حال ظنهم أن قد نجحت مساعيهم، وهو هنا مشاكلة.
وجَازَ إطلاق المكر على فعل الله تعالى دونَ مشاكلة كما في قوله :﴿ أفأمنوا مكر اللَّه ﴾ ( ٩٩ ) في سورة الأعراف وبعض أساتذتنا يسمي مثل ذلك مشاكلة تقديرية.
ومعنى : والله خير الماكرين } أي أقواهم عند إرادة مقابلة مكرهم بخذلانه إياهم.