كلام نفيس للعلامة الآلوسى فى الآية الكريمة
قال عليه الرحمة :
﴿ إِذْ قَالَ الله ﴾ ظرف لمكر أو لمحذوف نحو وقع ذلك ولو قدر أذكر كما في أمثاله لم يبعد وتعلقه بالماكرين بعيد إذ لا يظهر وجه حسن لتقييد قوة مكره تعالى بهذا الوقت ﴿ ياعيسى إِنّي مُتَوَفّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَىَّ ﴾ أخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال : هذا من المقدم والمؤخر أي : رافعك إليّ ومتوفيك، وهذا أحد تأويلات اقتضاها مخالفة ظاهر الآية للمشهور المصرح به في الآية الأخرى، وفي قوله ﷺ :" إن عيسى لم يمت وإنه راجع إليكم قبل يوم القيامة " وثانيها : أن المراد إني مستوفي أجلك ومميتك حتف أنفك لا أسلط عليك من يقتلك فالكلام كناية عن عصمته من الأعداء وما هم بصدده من الفتك به عليه السلام لأنه يلزم من استيفاء الله تعالى أجله وموته حتف أنفه ذلك. وثالثها : أن المراد قابضك ومستوفي شخصك من الأرض من توفى المال بمعنى استوفاه وقبضه. ورابعها : أن المراد بالوفاة هنا النوم لأنهما أخوان ويطلق كل منهما على الآخر، وقد روي عن الربيع أن الله تعالى رفع عيسى عليه السلام إلى السماء وهو نائم رفقاً به، وحكي هذا القول والذي قبله أيضاً عن الحسن. وخامسها : أن المراد أجعلك كالمتوفى لأنه بالرفع يشبهه، وسادسها : أن المراد آخذك وافياً بروحك وبدنك فيكون ﴿ وَرَافِعُكَ إِلَىَّ ﴾ كالمفسر لما قبله، وسابعها : أن المراد بالوفاة موت القوى الشهوانية العائقة عن إيصاله بالملكوت، وثامنها : أن المراد مستقبل عملك، ولا يخلو أكثر هذه الأوجه عن بعد لا سيما الأخير، وقيل : الآية محمولة على ظاهرها، فقد أخرج ابن جرير عن وهب أنه قال : توفى الله تعالى عيسى ابن مريم ثلاث ساعات من النهار حتى رفعه إليه. وأخرج الحاكم عنه أن الله تعالى توفى عيسى سبع ساعات ثم أحياه، وأن مريم حملت به ولها ثلاث عشرة سنة وأنه رفع وهو ابن ثلاث وثلاثين، وأن أمه بقيت بعد رفعه ست سنين، وورد ذلك في رواية ضعيفة عن ابن عباس والصحيح كما قاله


الصفحة التالية
Icon