﴿ وَإِنَّ الله لَهُوَ العزيز ﴾ أي الغالب غلبة تامة، أو القادر قدرة كذلك، أو الذي لا نظير له ﴿ الحكيم ﴾ أي المتقن فيما صنع، أو المحيط بالمعلومات، والجملة تذييل لما قبلها، والمقصود منها أيضاً قصر الإلهية عليه تعالى رداً على النصارى أي قصر إفراد فالفصل والتعريف هنا كالفصل والتعريف هناك فما قيل : إنهما ليسا للحصر إذ الغالب على الأغيار لا يكون إلا واحداً فيلغو القصر فيه إلا أن يجعل قصر قلب، والمقام لا يلائمه مما لا عصام له كما لا يخفى. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٣ صـ ١٩١﴾
من فوائد ابن عاشور فى الآية
قال عليه الرحمة :
جملة ﴿ إن هذا لهو القصص الحق ﴾ وما عطف عليها بالواو اعتراض لبيان ما اقتضاه قوله :﴿ الكاذبين ﴾ [ آل عمران : ٦١ ] لأنهم نفوا أن يكون عيسى عبد الله، وزعموا أنه غلب فإثبات أنه عبد هو الحق.
واسم الإشارة راجع إلى ما ذكر من نفي الإلهية عن عيسى.
والضمير في قوله لَهو القصصُ ضمير فصل، ودخلت عليه لام الابتداء لزيادة التقوية التي أفادَها ضمير الفصل ؛ لأنّ اللام وَحدها مفيدة تقوية الخبر وَضمير الفصل يفيد القصر أي هذا القصص لا ما تَقُصُّه كتُب النصارى وعَقائِدهم.
والقصَص بفتح القاف والصاد اسم لما يُقَص، يقال : قَصّ الخبر قَصّاً إذا أخبر به، والقَصُّ أخص من الإخبار ؛ فإنّ القص إخبار بخبرٍ فيه طولٌ وتفصيل وتسمى الحادثة التي من شأنها أن يُخبر بها قِصة بكسر القاف أي مقصوصة أي مما يقُصها القُصّاص، ويقال للذي ينتصب لتحديث الناس بأخبار الماضين قَصّاص بفتح القاف.
فالقصصُ اسم لما يُقص : قال تعالى :﴿ نحن نقص عليك أحسن القصص وقيل : هو اسم مصدر وليس هو مصدراً، ومن جرى على لسانه من أهل اللغة أنه مصدر فذلك تسامح من تسامح الأقدمين، فالقصّ بالإدغام مصدر، والقصص بالفَكّ اسم للمصدر واسم للخبر المقصوص.
وقوله : وما من إله إلا الله ﴾
تأكيد لحقيَّة هذا القصص.


الصفحة التالية
Icon