قال شهاب الدّينِ :" وقد حذفها ابنُ عامر في ثلاثة مواضع - إلا أنه ضم الهاء الباقية بعد حذف الألف - فقرأ - في الوصل - :﴿ ياأيها الساحر ﴾ [ الزخرف : ٤٩ ] و﴿ وتوبوا إِلَى الله جَمِيعاً أَيُّهَا المؤمنون ﴾ [ النور : ٣١ ]، و﴿ سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثقلان ﴾ [ الرحمن : ٣١ ]، ولكن إنما فعل ذلك اتباعاً للرسم ؛ لأن الألفَ حُذِفَتْ في مرسوم مصحف الشام في هذه الثلاثة، وعلى الجملة فقد ثبت حذف ألف " ها " التي للتنبيه. وأمَّا من أثبت الألف بَيْن الهاء وبين همزة " أنتم " فالظاهر أنها للتنبيه، ويضعف أن تكون بدلاً من همزة الاستفهام ؛ لما تقدم من أن الألف إنما تدخل لأجل الثقل، والثقل قد زال بإبدال الهمزة هاء، وقال بعضهم : الذي يقتضيه النظر أن تكون " ها " - في قراءة الكوفيين والبَزِّيّ وابن ذكوان -، للتنبيه ؛ لأن الألف في قراءتهم ثابتة، وليس من مذهبهم أن يفصلوا بين الهمزتين بألف، وأن تكون في قراءة قُنْبُل وورش - مُبْدَلَة من همزة ؛ لأن قُنْبُلاً يقرأ بهمزة بعد الهاء، ولو كانت " ها " للتنبيه لأتى بألف بعد الهاء، وإنما لم يُسهِّل الهمزة - كما سَهَّلَها في ﴿ أَأَنذَرْتَهُمْ ﴾ ونحوه لأن إبدال الأولى هاء أغناه عن ذلك، ولأن ورشاً فعل فيه ما فعل في :﴿ أَأَنذَرْتَهُمْ ﴾ ونحوه من تسهيل الهمزة، وترك إدخال الألفِ، وكان الوجه في قراءته بالألف - أيضاً - الحمل على البدل كالوجه الثاني في ﴿ أَأَنذَرْتَهُمْ ﴾ ونحوه.
وما عدا هؤلاء المذكورين - وهم أبو عمرو وهشام وقالون - يحتمل أن تكون " ها " للتنبيه، وأن تكون بدلاً من همزة الاستفهام.
أما الوجه الأول فلأن " ها " التنبيه دخلت على " أنتم " فحَقَّق هشام الهمزة كما حققها في " هؤلاء " ونحوها، وَخَفَّفَهَا قالون وأبو عمرو ؛ لتوسُّطِها بدخول حرف التنبيه عليها، وتخفيف الهمزة المتوسطة قَوِيٌّ.


الصفحة التالية
Icon