قَالَ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ : الْمَعْنَى أَنَّنَا نَحْنُ وَإِيَّاكُمْ عَلَى اعْتِقَادٍ أَنَّ الْعَالَمَ مِنْ صُنْعِ إِلَهٍ وَاحِدٍ، وَالتَّصَرُّفَ فِيهِ لِإِلَهٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ خَالِقُهُ وَمُدَبِّرُهُ وَهُوَ الَّذِي يُعَرِّفُنَا عَلَى أَلْسِنَةِ أَنْبِيَائِهِ مَا يُرْضِيهِ مِنَ الْعَمَلِ وَمَا لَا يُرْضِيهِ. فَتَعَالَوْا بِنَا نَتَّفِقُ عَلَى إِقَامَةِ هَذِهِ الْأُصُولِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا وَرَفْضِ الشُّبْهَاتِ الَّتِي تَعْرِضُ لَهَا، حَتَّى إِذَا سَلَّمْنَا أَنَّ فِيمَا جَاءَكُمْ مِنْ نَبَأِ الْمَسِيحِ شَيْئًا فِيهِ لَفْظُ ابْنِ اللهِ خَرَّجْنَاهُ جَمِيعًا عَلَى وَجْهٍ لَا يَنْقُضُ الْأَصْلَ الثَّابِتَ الْعَامَّ الَّذِي اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْأَنْبِيَاءُ. فَإِنْ سَلَّمْنَا أَنَّ الْمَسِيحَ قَالَ إِنَّهُ ابْنُ اللهِ، قُلْنَا : هَلْ فَسَّرَ هَذَا الْقَوْلَ بِأَنَّهُ إِلَهٌ يُعْبَدُ ؟ وَهَلْ دَعَا إِلَى عِبَادَتِهِ وَعِبَادَةِ أُمِّهِ أَمْ كَانَ يَدْعُو إِلَى عِبَادَةِ اللهِ وَحْدَهُ ؟ لَا شَكَّ أَنَّكُمْ مُتَّفِقُونَ مَعَنَا عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَدْعُو إِلَى عِبَادَةِ اللهِ وَحْدَهُ وَالْإِخْلَاصِ لَهُ بِالتَّصْرِيحِ الَّذِي لَا يَقْبَلُ التَّأْوِيلَ. وَأَقُولُ : إِنَّ كَلَامَهُ عَنْ نَفْسِهِ كَانَ أَكْثَرُهُ مِنْ بَابِ الْكِنَايَةِ أَوِ الْمَجَازِ، بَلْ كَانَ بَعْضُهُ مِنْ قَبِيلِ الْمُعَمَّيَاتِ وَالْأَلْغَازِ، حَتَّى إِنَّ تَلَامِيذَهُ لَمْ يَكُونُوا يَفْهَمُوهُ إِلَّا بَعْدَ تَفْسِيرِهِ، وَلَقَدْ كَانَ هَذَا التَّفْسِيرُ يَتَأَخَّرُ أَحْيَانًا إِلَى أَمَدٍ بَعِيدٍ، وَلَفْظُ " ابْنِ اللهِ " أُطْلِقَ فِي كُتُبِ الْعَهْدِ الْعَتِيقِ عَلَى إِسْرَائِيلَ وَغَيْرِهِ فَهُوَ مَجَازٌ قَطْعًا. أَمَّا هَذِهِ