وَالسَّلَامُ وَعَلَى آلِهِ - مَوْضِعَ إِجْلَالِ الْفَرِيقَيْنِ مِنْهُمْ لِمَا فِي كُتُبِهِمْ مِنَ الثَّنَاءِ عَلَيْهِ فِي الْعَهْدِ الْعَتِيقِ وَالْعَهْدِ الْجَدِيدِ، كَمَا كَانَتْ قُرَيْشٌ تُجِلُّهُ وَتَدَّعِي أَنَّهَا عَلَى دِينِهِ، فَأَرَادَ - تَعَالَى - أَنْ يُبَيِّنَ لَهُمْ جَمِيعًا أَنَّ هَذَا النَّبِيَّ الْكَرِيمَ الَّذِي كَانُوا يُجِلُّونَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَى شَيْءٍ مِنْ تَقَالِيدِهِمْ، وَإِنَّمَا كَانَ عَلَى الْإِسْلَامِ الَّذِي يَدْعُوهُمْ هُوَ إِلَيْهِ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ -، فَبَدَأَ بِالِاحْتِجَاجِ عَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ بِقَوْلِهِ : وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ أَيْ فَإِذَا كَانَ الدِّينُ الْحَقُّ لَا يَعْدُو التَّوْرَاةَ كَمَا تَقُولُونَ أَيُّهَا الْيَهُودُ، أَوْ لَا يَتَجَاوَزُ الْإِنْجِيلَ كَمَا تَقُولُونَ أَيُّهَا النَّصَارَى، فَكَيْفَ كَانَ إِبْرَاهِيمُ عَلَى الْحَقِّ وَاسْتَوْجَبَ ثَنَاءَكُمْ وَثَنَاءَ مَنْ قَبْلَكُمْ، أَفَلَا تَعْقِلُونَ أَنَّ الْمُتَقَدِّمَ عَلَى الشَّيْءِ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ تَابِعًا لَهُ ! ! فَإِنْ خَطَرَ فِي بَالِكَ أَيُّهَا الْقَارِئُ أَنَّ هَذَا يَرُدُّ عَلَى الْقُرْآنِ فَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعِي إِلَى تَفْسِيرِ الْآيَةِ الثَّالِثَةِ.