فالمقصود معناه اللقَبي، فإنّ وصف الذين آمنوا صار لقباً لأمة محمد ﷺ ولذلك كثر خطابهم في القرآن بيأيها الذين آمنوا.
ووجه كون هذا النبي ﷺ والذين آمنوا أولى الناس بإبراهيم، مثل الذين اتبعوه، إنّهم قد تخلقوا بأصول شرعه، وعرفوا قدره، وكانوا له لسان صدق دائباً بذكره، فهؤلاء أحقّ به ممّن انتسبوا إليه لكنهم نقضوا أصول شرعه وهم المشركون، ومن الذين انتسبوا إليه وأنسوا ذكر شرعه، وهم اليهود والنصارى، ومن هذا المعنى قول النبي ﷺ لما سَأل عن صوم اليهود، يوم عاشوراء فقالوا : هو يوم نجّى الله فيه موسى فقال :"نَحْن أحقّ بموسى منهم" وصامه وأمر المسلمين بصومه.
وقوله :﴿ والله ولي المؤمنين ﴾ تذييل أي هؤلاء هم أولى الناس بإبراهيم، والله ولي إبراهيم، والذين اتبعوه، وهذا النبي، والذين آمنوا ؛ لأنّ التذييل يشمل المذيَّل قطعاً، ثم يشمل غيره تكميلاً كالعام على سبب خاص.
وفي قوله :﴿ والله ولي المؤمنين ﴾ بعد قوله :﴿ كان إبراهيم يهودياً ﴾ [ آل عمران : ٦٧ ] تعريض بأنّ الذين لم يكن إبراهيم منهم ليسوا بمؤمنين. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٣ صـ ١٢٣ ـ ١٢٥﴾