ثم قال تعالى :﴿وَمَا يُضِلُّونَ إِلا أَنفُسَهُمْ﴾ وهو يحتمل وجوهاً منها إهلاكهم أنفسهم باستحقاق العقاب على قصدهم إضلال الغير وهو كقوله ﴿وَمَا ظَلَمُونَا ولكن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ [ البقرة : ٥٧ ] وقوله ﴿وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً مَّعَ أَثْقَالِهِمْ﴾ [ العنكبوت : ١٣ ] ﴿لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ القيامة وَمِنْ أَوْزَارِ الذين يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلاَ سَآء مَا يَزِرُونَ﴾ [ النحل : ٢٥ ] ومنها إخراجهم أنفسهم عن معرفة الهدى والحق لأن الذاهب عن الاهتداء يوصف بأنه ضال ومنها أنهم لما اجتهدوا في إضلال المؤمنين ثم إن المؤمنين لم يلتفتوا إليهم فهم قد صاروا خائبين خاسرين، حيث اعتقدوا شيئاً ولاح لهم أن الأمر بخلاف ما تصوروه.
ثم قال تعالى :﴿وَمَا يَشْعُرُونَ﴾ أي ما يعلمون أن هذا يضرهم ولا يضر المؤمنين. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٨ صـ ٨٠﴾

فصل


قال ابن عادل :
في " مِن " وجهان :
أظهرهما : أنها تبعيضيَّة.
والثاني : أنها لبيان الجنس.
قال ابن عطيَّة : ويعني أن المراد بـ " طائفة " جميع أهل الكتاب، قال أبو حيّان : وهذا بعيد من دلالة اللفظ، وهذا الجار - على القول بأنها تبعضية - في محلّ رفع، صفة لِ " طَائِفَةٌ "، وعلى القول بأنها بيانية تعلق بمحذوف.
وقوله : تقدم أنه يجوز أن تكون مصدرية، وأن تكون على بابها - من كونها حرفاً لما كان سيقع لوقوع غيره.
قال أبو مُسْلِم الأصبهاني :" وَدَّ " بمعنى تَمَنَّى، فيستعمل معها " لو " و" أن " وربما جُمِع بينهما، فَيُقَالُ : وددت أن لو فعلت، ومصدره الودادة، والاسم منه وُدّ وبمعنى " أحَبَّ " فيتعدَّى " أحَب " والمصدر المودة، والاسم منه ود وقد يتداخلانِ في المصدر والاسم.


الصفحة التالية
Icon