فأما قوله تعالى :﴿وَأَنتُمْ تَشْهَدُونَ﴾ فالمعنى على هذا القول أنهم عند حضور المسلمين، وعند حضور عوامهم، كانوا ينكرون اشتمال التوراة والإنجيل على الآيات الدالة على نبوّة محمد ﷺ، ثم إذا خلا بعضهم مع بعض شهدوا بصحتها، ومثله قوله تعالى :﴿تَبْغُونَهَا عِوَجاً وَأَنْتُمْ شُهَدَاء﴾ [ آل عمران : ٩٩ ].
واعلم أن تفسير الآية بهذا القول، يدل على اشتمال هذه الآية على الإخبار عن الغيب لأنه عليه الصلاة والسلام أخبرهم بما يكتمونه في أنفسهم، ويظهرون غيره، ولا شك أن الإخبار عن الغيب معجز.
القول الثاني : في تفسير آيات الله أنها هي القرآن وقوله ﴿وَأَنتُمْ تَشْهَدُونَ﴾ يعني أنكم تنكرون عند العوام كون القرآن معجزاً ثم تشهدون بقلوبكم وعقولكم كونه معجزاً.
القول الثالث : أن المراد بآيات الله جملة المعجزات التي ظهرت على يد النبي ﷺ وعلى هذا القول فقوله تعالى :﴿وَأَنتُمْ تَشْهَدُونَ﴾ معناه أنكم إنما اعترفتم بدلالة المعجزات التي ظهرت على سائر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام الدالة على صدقهم، من حيث أن المعجز قائم مقام التصديق من الله تعالى فإذا شهدتهم بأن المعجز إنما دل على صدق سائر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام من هذا الوجه، وأنتم تشهدون حصول هذا الوجه في حق محمد ﷺ كان إصراركم على إنكار نبوته ورسالته مناقضاً لما شهدتهم بحقيته من دلالة معجزات سائر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام على صدقهم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٨ صـ ٨١﴾


الصفحة التالية
Icon