وقال الآلوسى :
﴿ فَإِن تَوَلَّوْاْ ﴾ أي أعرضوا عن اتباعك وتصديقك بعد هذه الآيات البينات، وهذا على تقدير أن يكون الفعل ماضياً، ويحتمل أن يكون مضارعاً وحذفت منه إحدى التاءين تخفيفاً، وأصله تتولوا ﴿ فَإِنَّ الله عَلِيمٌ بالمفسدين ﴾ أي بهم أو بكم، والجملة جواب الشرط في الظاهر لكن المعنى على ما يترتب على علمه ﴿ بالمفسدين ﴾ من معاقبته لهم، فالكلام للوعيد ووضع الظاهر موضع الضمير تنبيهاً على العلة المقتضية للجزاء والعقاب وهي الإفساد، وقيل : المعنى على أن الله عليم بهؤلاء المجادلين بغير حق وبأنهم لا يقدمون على مباهلتك لمعرفتهم نبوتك وثبوت رسالتك، والجملة على هذا أيضاً عند التحقيق قائمة مقام الجواب إلى أنه ليس الجزاء والعقاب، والكلام منساق لتسليته ﷺ ولا يخفى ما فيه. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٣ صـ ١٩١﴾
وقال أبو حيان :
والمعنى : ما يترتب على علمه بالمفسدين من معاقبته لهم، فعبر عن العقاب بالعلم الذي ينشأ عنه عقابهم، ونبه على العلة التي توجب العقاب، وهي الإفساد، ولذلك أتى بالاسم الظاهر دون الضمير، وأتى به جمعاً ليدل على العموم الشامل لهؤلاء الذين تولوا ولغيرهم، ولكونه رأس آية، ودل على أن توليهم إفساد أي إفساد. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٢ صـ ٥٠٥ ـ ٥٠٦﴾
وقال ابن الجوزى :
قوله تعالى :﴿ فإن تولوا ﴾ فيه ثلاثة أقوال.
أحدها : عن الملاعنة، قاله مقاتل.
والثاني : أنه عن البيان الذي أتى به النبي ﷺ، قاله الزجاج.
والثالث : عن الإقرار بوحدانية الله، وتنزيهه عن الصاحبة والولد، قاله أبو سليمان الدمشقي، وفي الفساد هاهنا قولان.
أحدهما : أنه العمل بالمعاصي، قاله مقاتل.
والثاني : الكفر، ذكره الدمشقي. أ هـ ﴿زاد المسير حـ ١ صـ ٤٠٠﴾


الصفحة التالية
Icon