الثاني : أنه تعالى اتبع هذه الآية بقوله ﴿وَلاَ تُؤْمِنُواْ إِلاَّ لِمَن تَبِعَ دِينَكُمْ﴾ فهذا يدل على أنهم نهوا عن غير دينهم الذي كانوا عليه فكان قولهم ﴿آمنوا وَجْهَ النهار﴾ أمر بالنفاق.
الوجه الثالث : قال الأصم : قال بعضهم لبعض إن كذبتموه في جميع ما جاء به فإن عوامكم يعلمون كذبكم، لأن كثيراً مما جاء به حق ولكن صدقوه في بعض وكذبوه في بعض حتى يحمل الناس تكذيبكم له على الإنصاف لا على العناد فيقبلوا قولكم.
الاحتمال الثاني : أن يكون قوله ﴿ءَامِنُواْ بِالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره﴾ بعض ما أنزل الله والقائلون بهذا القول حملوه على أمر القبلة وذكروا فيه وجهين الأول : قال ابن عباس : وجه النهار أوله، وهو صلاة الصبح واكفروا آخره : يعني صلاة الظهر وتقريره أنه ﷺ كان يصلي إلى بيت المقدس بعد أن قدم المدينة ففرح اليهود بذلك وطمعوا أن يكون منهم، فلما حوله الله إلى الكعبة كان ذلك عند صلاة الظهر قال كعب بن الأشرف وغيره ﴿آمنواْ بِالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار﴾ يعني آمنوا بالقبلة التي صلّى إليها صلاة الصبح فهي الحق، واكفروا بالقبلة التي صلّى إليها صلاة الظهر، وهي آخر النهار، وهي الكفر الثاني : أنه لما حولت القبلة إلى الكعبة شق ذلك عليهم، فقال بعضهم لبعض صلوا إلى الكعبة في أول النهار، ثم اكفروا بهذه القبلة في آخر النهار وصلوا إلى الصخرة لعلّهم يقولون إن أهل الكتاب أصحاب العلم فلولا أنهم عرفوا بطلان هذه القبلة لما تركوها فحينئذ يرجعون عن هذه القبلة. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٨ صـ ٨٣ ـ ٨٤﴾

فصل


قال السمرقندى :
وَقَالَتْ طائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بالَّذِي أُنْزِلَ على الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهارِ }


الصفحة التالية
Icon