الوجه الرابع :﴿الهدى﴾ اسم و﴿هُدَى الله﴾ بدل منه و﴿أَن يؤتى أَحَدٌ﴾ خبره والتقدير : إن هدى الله هو أن يؤتي أحد مثل ما أوتيتم، وعلى هذا التأويل فقوله ﴿أَوْ يُحَاجُّوكُمْ عِندَ رَبّكُمْ﴾ لا بد فيه من إضمار، والتقدير : أو يحاجوكم عند ربكم فيقضى لكم عليهم، والمعنى : أن الهدى هو ما هديتكم به من دين الإسلام الذي من حاجكم به عندي قضيت لكم عليه، وفي قوله ﴿عِندَ رَبّكُمْ﴾ ما يدل على هذا الإضمار ولأن حكمه بكونه رباً لهم يدل على كونه راضياً عنهم وذلك مشعر بأنه يحكم لهم ولا يحكم عليهم.
والاحتمال الثاني : أن يكون قوله ﴿أَن يؤتى أَحَدٌ مّثْلَ مَا أُوتِيتُمْ﴾ من تتمة كلام اليهود، وفيه تقديم وتأخير، والتقدير : ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم أن يؤتي أحد مثل ما أوتيتم أو يحاجوكم عند ربكم، قل إن الهدى هدى الله، وأن الفضل بيد الله، قالوا، والمعنى لا تظهروا إيمانكم بأن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم إلا لأهل دينكم، وأسروا تصديقكم، بأن المسلمين قد أوتوا من كتب الله مثل ما أوتيتم، ولا تفشوه إلا إلى أشياعكم وحدهم دون المسلمين لئلا يزيدهم ثباتاً ودون المشركين لئلا يدعوهم ذلك إلى الإسلام. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٨ صـ ٨٤ ـ ٨٧﴾
فصل
قال ابن عادل :
قوله تعالى :﴿ وَلاَ تؤمنوا إِلاَّ لِمَن تَبِعَ دِينَكُمْ ﴾ نقل ابنُ عطيّة الإجماع من أهل التأويل على أن هذا من مقول الطائفة، وليس بسديد، لما نقل من الخلاف، وهل هي من مقول الطائفة أم من مقول الله تعالى - على معنى أن الله - تعالى - خاطب به المؤمنين، تثبيتاً لقلوبهم، وتسكيناً لجأشهم ؛ لئلا يشكُّوا عند تلبيس اليهودِ عليهم وتزويرهم ؟